وطنية

بعد تغيير خطّة تعليق الدستور الى تعديل بعض نصوصه: هل سيتمكّن سعيّد من الخروج من الدوّامة؟

اعتبر أستاذ القانون الدستوري عبد الرزاق مختار في تصريح لـ “الجوهرة أف أم” اليوم الأحد أن ظهور رئيس الجمهورية ليلة أمس السبت كان حاسما وفاصلا في ظل لغط كبير ومعارضة واضحة ورفض قاطع من الطيف المدني والسياسي لما صرح به سابقا مستشاره لقناة اجنبية بشأن نيته تعليق الدستور.

وكان مستشاره وليد الحجام كشف في مقابلة بثتها قناة “سكاي نيوز عربية” الجمعة الماضي عن نية رئيس الجمهورية “إلغاء العمل بالدستور” و”تعيين حكومة” و”تكليف لجنة لكتابة دستور جديد يمكن أن يطرح على الاستفتاء الشعبي”.
بالون اختبار
ووصف مختار هذا التصريح بـ”بالون اختبار” قوبل “على ما يبدو بردود حازمة دفعت الرئاسة الى “تغيير تكتيكها فيما يتعلق بالتعاطي الدستوري مع الوضع الراهن”، مشيرا في ذات السياق الى ما اعتبره ” تفاعلا سريعا وتحوير استراتيجية الرئيس في التعامل مع النص التأسيسي والدستوري “.

وكان الرئيس قيس سعيد، أكد في تصريحات لسكاي نيوز عربية أيضا، مساء امس السبت، أنه بالإمكان إجراء تعديلات على نصوص الدستور بما يتماشى مع مطالب الشعب.”،

وفي تعليقه على هذا التصريح ، قال استاذ القانون الدستوري إن سعيّد عبّر عن نوع التعاطي الايجابي مع مخاوف فتح تساؤلات بشأن تعديل الدستور، موضحا ان التعديل المحتمل “مخصّص له باب في الدستور وله تقنيات واضحة وهي مبادرة من رئيس الدولة” مردفا بالقول في المقابل إنه لا يمكن تنفيذ التعديل الا مرورا بالبرلمان الذي مازال مجمدا حاليا ومحكمة دستورية غائبة اصلا ومنعدمة.
توافق وحوار
ويرى ذات المتحدّث أن “الحديث عن تعديل الدستور لا يمكن ان يكون الا عبر توافق واسع وكبير بين جميع الاطراف من خلال خارطة طريق” الا أن هذه الشروط غير متوفرة حاليا لتبقى المسألة معلقة حتى في ظل العودة من جديد الى الفصل الثالث من الدستور بخصوص تعديل دستوري متوافق حوله ومجمع عليه شعبيا.
ويستدرك أستاذ القانون الدستوري بالتأكيد أن كل الطرق تمر عبر حوار شامل لا يمكن بلوغه في ظل الظرف الراهن بعد اعلان رئيس الجمهورية تدابير 25 جويلية الاستثنائية.

وينص الفصل الثالث من الدستور (الباب الأول) “أن الشعب هو صاحب السيادة ومصدر السلطات، يمارسها بواسطة ممثليه المنتخبين أو عبر الاستفتاء”.
جدل ومعارضة
ويأتي هذا الجدل وسط تواتر البيانات من جهات سياسية ومدنية مختلفة تؤكد رفضها التام لأي مسعى يقوم به رئيس الجمهورية قيس سعيد لتغيير دستور البلاد خارج الآليات التي يحددها الدستور.
من جانبه، شدّد النائب أسامة الخليفي (حزب قلب تونس المتحالف مع حركة النهضة) في تدوينة على فيسبوك على “أن تعديل الدستور يتم من داخل الدستور واي خلاف لذلك فهو انقلاب”.
ولم تصدر حركة النهضة الى غاية كتابة هذه الأسطر اي بيان بخصوص اعلان سعيّد حول “تعديل الدستور” بعد الحديث عن تعليق العمل بالدستور” الذي كانت حذّرت منه معتبرة أنه “سيؤدي حتما بالنظام إلى فقدان الشرعية والعودة للحكم الفردي والتراجع عن كل المكتسبات الديمقراطية وضمانات الحريات وحقوق الإنسان، وعهود خلت من الدساتير المسقطة و غير الديمقراطية”، وفق ما جاء في بيان كانت أصدرته.

في المقابل لم ير النائب “المستقل” مبروك كورشيد اي مانع لتعديل الدستور معتبرا في تدوينة نشرها اليوم أن ” الدستور بشكله الحالي معضلة “ويجب تغييره بتصور تشاركي ” الا انه شدّد بالقول على انه: “لا للانفراد بالرأي نعم لتعديل الدستور والقانون الانتخابي وقانون الاحزاب والجمعيات “، وفق تعبيره كما جاء في تدوينته.
مأزق
بدوره أعلن النائب عن حركة الشعب المؤيدة لقيس سعيّد، خالد الكريشي في تدوينة على فيسبوك اليوم عن مساندته المطلقة لعزم الرئيس تعديل بعض فصول دستور 2014 والتي اعتبر أنها “كانت سببا في الأزمة الحالية” الا انه اشترط في المقابل ان يتم ذلك “ضمن الشرعية الدستورية واحترام الأحكام الدستورية المتعلقة بتعديل الدستور وخاصة الفصول 1 ، 2, 49 ، 143 و 144 من الدستور ” . وبشكل عام فإن جميع هذه الفصول تشترط وجود البرلمان وتستند الى مصادقته لأي اجراء او تعديل يقوم به الرئيس كما تشترط ايضا تحكيم المحكمة الدستورية غير المتوفّرة حاليا.

في المحصلة يمكن القول ان الوضع انزلق مجددا الى مأزق تشريعي ودوامة سياسية لا يمكن الخروج منها بسبب رفض الرئيس الحوار مع الأطراف المعنية.
في المقابل يرفض رئيس الجمهورية بشدّة وصف معارضيه وخصومه تدابيره بالانقلاب في ظل غياب انقلاب كامل الأركان فيما آثر آخرون وعلى رأسهم النهضة، وصف هذه التدابير بتصحيح مسار الا أن هذا المسار لم يجد طريقه بعدُ.
ع ب م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock