دولية

“الصياد والتنين..” عنوان أطروحة ماجستير لأحد الاسرى الفلسطينيين الـ 6

تحت عنوان “الصياد والتنين.. المطارة في التجربة الفلسطينية من عام 1968-2018” بدأ زكريا الزبيدي، أحد الأسرى الفلسطينين الستة الذين تمكنوا من الهروب من اشد السجون الاسرائيلية تحصينا،  أطروحة لدراسة الماجستير، لم يتسن له، حسب المشرف عبد الرحيم الشيخ أستاذ الدراسات الثقافية بجامعة بيرزيت، إكمالها ومناقشتها بسبب اعتقاله أواخر فيفري 2019، وفق تقرير نشرته “الجزيرة نت” اليوم حول مسيرته النضالية.

وفي مشروع الأطروحة المبتورة بفعل الاعتقال، تقمّص زكريا (46 عاما) شخصية “التنين” المستمد من أسطورة قديمة تكون فيها الغلبة للتنين على الصياد بعد مطاردة طويلة وصعبة.
وهي في الواقع تجسد حاله وتسقط تجربته الشخصية واقعا، كما يقول صديقه جمال حويل، ورفيقه في المقاومة خلال معركة مخيم جنين (2002).

يقول حويل للجزيرة نت إنه وزكريا سارا معا كما عهدهما بالمقاومة والنضال لتوثيق تضحيات مخيم جنين عبر رسالتي ماجستير؛ الأولى له شخصيا وأسماها “معركة مخيم جنين.. التشكيل والأسطورة”، والثانية للزبيدي وعنوانها “الصياد والتنين.. المطاردة في التجربة الفلسطينية”. واتفقا أن يخلص الاثنان لكتاب مشترك عنوانه “المطارد رقم 1”.
تجربة مطاردة
وكانت أطروحة الزبيدي، حسب حويل، ستتمحور أساسا حول توثيق تجربة المطاردة الفلسطينية على مدى 50 عاما تقريبا، حيث تطرق إطارها النظري لمطاردات الفلسطينيين تاريخيا، وأسقط تجربته الشخصية ووثقها حتى يستهدي بها كل مقاوم في مواجهة الاحتلال والإفلات منه.

كما تتناول تطور الاحتلال وأجهزة مخابراته أمنيا وتقنيا وبمساعدة مادية من “الجواسيس”، بالمقابل تمكن المناضل وعبر عوامل عدة من التخفي.

يقول حويل إن “خير الأبطال والمناضلين من يستمر بالمطاردة أكثر، ويوقع الخسائر بالاحتلال أكثر، وليس المطاردة لأجل المطاردة” مستلهما أفكار الزبيدي.

ويؤكد حويل أن رسالة زكريا أُعدت فعلا دون أن يتمكن من نقاشها، بينما ناقش هو رسالته عام 2011 والتي وثَّقت تضحيات مخيم جنين قبل اجتياح 2002، أما زكريا فقد عالج صمود المخيم بعد ذلك التاريخ.

ويردف “كنا نمازح زكريا ونقول له نخشى أن تعتقل قبل مناقشة الرسالة، فكان يقول اتركوا سطرين للتنين يكتبهما قريبا” أي للمطارَد.
أفراد عائلته شهداء 
وزكريا “عظيم كعظمة أبناء شعبه” يقول حويل، وهو من الشباب النادر بالتضحية والفداء، فوالده ووالدته وشقيقه شهداء، واعتقل أشقاؤه الخمسة وتميزوا بتنوع انتمائهم السياسي، وسجنوا لسنوات طويلة، وهُدم منزلهم 4 مرات فهم “عائلة صغيرة لكنها جيش بأكمله”.

ويتابع “سألني قيادي فلسطيني رفيع المستوى لماذا أطلق زكريا قبل اعتقاله الأخير النار على الاحتلال قرب رام الله؟”، فأجبت باختصار “لأنه زكريا”.

وعندما أرادت متضامنة أجنبية، كانت تزور مسرح الحرية في مخيم جنين، أن تكتب قصته رد عليها زكريا قائلا “إنكِ لن تقدري لأنك لن تصدقيها”، فعادت وكتبت يوم أمس في منشور لها “سجن ثم حفر حفرة مستحيلة وخرج منها، فعلا قصته لا تصدق”.

وأواخر عام 2007 سلّم زكريا الزبيدي كقائد لكتاب شهداء الأقصى (الجناح العسكري لحركة فتح) سلاحه، على أمل العفو عنه وعن مقاومين آخرين وفق اتفاق بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل.

وتم احتجازه داخل مقر المقاطعة (مقر السلطة الفلسطينية) بمدينة جنين قبل أن يحصل على إعفاء جزئي ومن ثم إعفاء كامل، حيث انتقل لمدينة رام الله، وانتخب عضوا بالمجلس الثوري لحركة فتح، ورغم ذلك لم يسقط مقاومة الاحتلال من أجندته.

يصفه القيادي حويل “بالمقاوم المستمر” الذي لا يفكر إلا بالاحتلال ومواجهته، ويقول إن عائلته عاشت حياة غير مستقرة، فهي لم تجتمع مرة منذ عام 1991 على مائدة واحدة سوية، وعرف عن والده “صناعة أول سلاح محلي (مسدس) باستخدام الأنابيب، أما والدته فكانت تراقب وتنظف سلاح المقاومين”.

أما جده (أبو سمير) فهرب من سجن شطة الإسرائيلي عام 1959، وكان محكوما بالسجن مدى الحياة، ولا يوجد مكان في جسد زكريا أو أشقائه كلهم إلا وبه إصابة من رصاص أو بفعل انفجار لغم إسرائيلي، نتيجة محاولات اغتيال كثيرة.

وإلى مخيم جنين حيث تقطن عائلة زكريا انتقلنا بسؤال عن سر الرجل وعناده في المقاومة لشقيقه الأسير السابق يحيى الزبيدي، فردّ بأسئلة جريئة وقال “هل حصل الشعب الفلسطيني على حريته؟ وهل نال دولة مستقلة ذات سيادة؟ وكيف تفسر أننا ما زلنا في آخر دولة محتلة في القرن الـ21؟”.
أستاذه يكرمه
بعد افتكاك حريته وهروبه من السجن صحبة رفاقه الاسرى الخمسة، كتب المشرف على اطروحته بجامعة بيرزيت الاستاذ عبد الرحيم الشيخ الخاطرة التالية:
“قلبه راقص البوصلة،

عينه عروة النصر،
وجهه نثار القذيفة،
كفه بهجة للزناد،
وانتباه الأعالي،

لوجهة الريح، خطوه…”

وكالات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock