جهوية

وكان الموت أقرب للأطفال من حضن والدتهم… فاجعة أخرى تهزّ حاسي الفريد

لا زال أهالي البيبات مجتمعون حول مكان الحادثة إلى ما قبل أن تُخفي السّماء شمس اليوم الخميس 8 أفريل 2021، خميس أسود على معتمدية حاسي الفريد، بعد تسبّب عربة في قتل 4 أشقاء تترواح أعمارهم بين  5 سنوات و13  سنة.

كانت المنطقة تسير بنسق بطيء قبل الحادثة كرتابة معيشة أهل ريف القصرين منذ تأسيس دولة الإستقلال، بعضهم يرحل عن الدّنيا دون أن يتجاوز عالمه رحلة سرمديّة بين المنزل والمدرسة وسوق أسبوعيّة يشتري منها ما رخص من الموادّ الغذائية الأساسيّة التي لا تقدّم لمستهلكها إلّا ما يمكّنه من العيش بالأدنى المطلوب، قبل أن يصبّ سكّان المنطقة جام غضبهم من المسؤولين أمام كاميرا موزاييك.

يقول محمّد، شاهد عيان على حادث وفاة الأشقّاء الأربعة: "نحن منسيّون، لا يتذكّروننا أهل السّاسة إلاّ وقت الإنتخابات، ولا نترأّس نشرات الأخبار إلاّ إذا ما حلّت بنا كارثة، إن حياة البشر في هذه المنطقة المحرومة من كلّ المرافق أكبر أنواع الكوارث!".

يشرح عبد الله لموزاييك تفاصيل مقتل الأطفال الأربعة وإصابة والدتهم، كان أوّل من هبّ لإنقاذهم دون جدوى "لقد لاحقتهم السيّارة المجنونة إلى هذا المكان"، ويشير إلى حقل موجود على قارعة الطريق على مقربة من منزل الضحايا، يضيف متأثّراً "حاولت الأمّ المسكينة إنقاذ إبنها الصّغير لكن العربة صدمتها بقوّة، وهي الآن بين حياة وموت في صفاقس".

يضيف شاهد عيان آخر: "هبّ الأطفال الأربعة نحو والدتهم، بمجرّد وصولها أمام المنزل على متن سيّارة للنّقل غير المنتظم، من أجل مساعدتها على حمل ما اقتنته إعدادًل لشهر الصّيام، من السّوق الأسبوعيّة ببئر الحفي من ولاية سيدي بوزيد نحو المنزل، لكن عربة مجنونة حذفت عائلة بأكملها من الوجود."

مطالب سكّان المنطقة هي نفسها تلك المطالب التي نقلتها موزاييك مع تلك الفواجع المتعدّدة التي ضربت حاسي الفريد، ماء صالح للشّرب، طرقات لائقة، رقابة على هذه المسالك التي يستعملها الإرهاب وتمرّ عبرها سيّارات التهريب عشرات المرّات في اليوم، وحياة تشبه الحياة.

أنهت الكاميرا مهامها، لا يزال السكّان مجتمعون حول مكان الحادث الذي لم يبق منه إلاّ بعض الخضراوات الرّخيصة التي كانت ملقاة على قارعة الطريق بعد قتل العربة للأطفال، وبعض الدّماء التي تدوسها بين الفينة والأخرى سيّارات التّهريب المتسلّلة بعيدا عن أنظار الدّولة…

برهان اليحياوي.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock