هل ينجح المشيشي في إقناع الإيطاليين بالمقاربة الشاملة لمقاومة الهجرة؟
يلتقي رئيس الحكومة هشام المشيشي عشية اليوم الثلاثاء 15 ديسمبر 2020 بالعاصمة الإيطالية روما نظيره رئيس مجلس الوزراء الإيطالي جوسيبي كونتي Giueseppe Conte، ومن المنتظر أن يكون ملف الهجرة السرّية وفق خطاب السلطات الرسمية أو الهجرة غير النظامية حسب الخطاب الحقوقي الموضوعَ الأساسيَّ لهذا اللقاء الذي من المنتظر أن يختتم به المشيشي زيارته لفرنسا وإيطاليا.
وقبل أن يتحول المشيشي صباح اليوم إلى إيطاليا سيكون له موعدان في باريس، الأوّل مع شاب تونسي نجح في بعث مؤسسة ناشئة ومُجدّدة Start up، واللقاء سيكون تكريميا للضيف وتحفيزيا للشباب من أجل المبادرة الذاتية. أمّا اللقاء الثاني فسيكون مع الوزير الأوّل الفرنسي الأسبق وعضو مجلس الشيوخ السابق جون بيار رافاران الذي يرأس الآن مؤسسة قادة من أجل السلام Leaders pour la paix.
رهان المقاربة الشاملة ومقوّماتها
وبخصوص لقاء المشيشي مع نظيره كونتي فرِهَانهُ الرئيسي بالنسبة إلى رئيس الحكومة التونسية الإقناع بمقاربة شاملة ومتعدّدة الأبعاد والأطراف في آن واحد لحلّ مشكل أو أزمة الهجرة السرية/ غير النظامية.
ومعلوم أنّ النسبة الأكبر من راكبي قوارب الهجرة من التونسيين يتّجهون نحو السواحل الايطالية، وقد كشفت وزيرة الداخلية الايطالية ليوتشيانا لامورجيزي مؤخرا عن أنّ عدد التونسيين الذين وصلوا إلى السواحل الايطالية خلال العام الحالي 2020 أي " سنة الكوفيد" تجاوز ال12000، وهو نفس الرقم تقريبا الذي قدّمه المنتدى الإقتصادي والإجتماعي التونسي.
فالمقاربة التونسية تقوم على رفض أن يكون التعاطي مع هذا الملف أمنيا بحتا من خلال ثنائية ،فرعها الأوّل تشديد الحراسة على الحدود البحرية ، وفرعها الثاني القبول بترحيل كلّ التونسيين المقيمين في إيطاليا بطريقة غير قانونية وفي مقدّمتهم كل المحتجزين في مراكز تجميع يصفها الحقوقيون بالمحتشدات أو المعسكرات.
وجوهر المقاربة التونسية تقوم على أن يكون الحل تنمويا ،وذلك من خلال مساهمة إيطاليا في تنمية المناطق التونسية التي تشهد نسبا كبرى للهجرة غير النظامية لتوفير فرص عمل للشبان المعنيين وفتح آفاق أمامهم. وبالإضافة إلى الطبيعة التنموية للحل فإنّه يتميّز كذلك بالشمول، أي يشمل حماية الحدود مع توفير التجهيزات والوسائل الضرورية. أمّا الترحيل فينبغي أن يكون وفق الاتفاقات الثنائية، وفي إطار تفاهم يراعي الظروف الإنسانية للترحيل.
إيطاليا وحساباتها الداخلية
ويُذكر أنّ حكومة كونتي سواء الأولى أو الائتلافية الحالية جعلت ملف الهجرة السرية في صدراة اهتماماتها نظرا لعوامل داخلية تتسم بارتفاع الأصوات اليمينية المطالبة بالتعاطي الحازم .
وكان موضوع ترحيل التونسيين المقيمين بطريقة غير قانونية محور زيارتين لوزيرة الداخلية الإيطالية ليوتشيانا لامورجيزي إلى تونس الأولى يوم 27 جويلية الماضي والثانية يوم 17 أوت 2020 رفقة وزير الخارجية لويجي دي مايو ووزير العدل ألفونس بونافيد ( الثالوث خضع للحجر الصحي الذاتي بعد الاشتباه بإصابة وزيرة الداخلية بكورونا ثم تبيّن أنّ نتيجة التحليل خاطئة وقد استأنفت الوزيرة نشاطها يوم السبت الماضي).
ولقاء اليوم بين المشيشي وكونتي يكتسب أهميته من ضرورة إيجاد رؤية مشتركة تساعد على إحتواء آثار هذه الظاهرة في أبعادها السياسية والاقتصادية والإنسانية. ظاهرةٌ أكّد رئيس الجمهورية قيس سعيد خلال محادثة هاتفية مع رئيس مجلس الوزراء الايطالي جوزيبي كونتي يوم 4 نوفمبر الماضي عزمه على وضع حد لها، مع تشديده على أن تكون الحلول متعدّد الأطراف. وهذا الموقف يُجمِل المقاربة التونسية لكنه لا يوضِح وسائل تنفيذها.
*من مبعوث موزاييك إلى فرنسا وإيطاليا عبدالسلام الزبيدي