أسباب نفسية : مختصون يفسرون تواتر عزوف التونسيين عن التلقيح ضد كورونا

تزايد عدد المتخلفين عن عمليات التلقيح ضد فيروس كورونا في تونس، في الآونة الأخيرة، وتصاعدت وتيرة عزوف التونسيين عنه، رغم تواتر الدعوات للإقبال على عملية التطعيم من أجل التسريع في بلوغ مرحلة المناعة الجماعية تحسبا لموجة محتملة لانتشار الفيروس في ظل ظهور متحورات جديدة على غرار المتحور ” مو”، ما قد يتسبب في مزيد هدر الأرواح واستنزاف المنظومة الصحية.

أسباب نفسية بحتة:
عزوف التونسيين عن تلقي التلقيح، يُرجعه البعض إلى أسباب نفسية بحتة غذتها الشائعات وغياب التوضيحات العلمية الصحيحة ويُترجمه عدد المتغيبين عن مواعيد التطعيم إذ تخلّف، منذ يوم 6 سبتمبر الجاري، ودون اعتبار حملة التلقيح المكثف ليوم السبت الماضي الموافق لـ 11 سبتمبر الحالي، 449 ألفا و25 شخصا من بين 676 ألفا و338 مدعوّ للحصول على التلقيح، مقابل تطعيم 229 ألفا و133 شخصا، أيّ بنسبة عزوف تقدر ب 66.4 بالمائة.
كما شاب هذا العزوف الحملات المكثفة للتلقيح، إذ تغيّب عن الموعد خلال اليوم الخامس للتلقيح المكثف السبت الماضي، 140 ألفا و301 شخصا من بين 568 ألفا و410 مدعوّ للتلقيح، ما طرح تساؤلات عدّة سواء بين أهل الاختصاص من الأطباء أو المختصين في المجالات الاجتماعية والنفسية، حول أسبابه وعواقبه التي قد تكون وخيمة في حال حلّ بتونس متحور من السلالات المتحورة الأكثر جنونا من المتحور الهندي “دلتا”.

الإنسان بطبعه يحمل مخاوف غريزية من الأشياء غير المعروفة:

وشددت عضو اللجنة العلمية لمجابهة كورونا الدكتورة ايناس العيادي، على أن تخلف عدد كبير وبصفة يومية عن موعد التلاقيح يعد أمرا غير مسؤول وغير مقبول.
واعتبرت ، في تصريح لوكالة تونس للأنباء، اليوم الثلاثاء، أن تلكؤ البعض وتخلفهم عن هذا الموعد الهام للتطعيم بسبب انشغالات الحياة مجرد عذر واه، فيما أكد المختص في علم النفس سفيان الزريبي، أن الإنسان بطبعه يحمل مخاوف غريزية من الأشياء غير المعروفة وغير المكشوفة الأمر الذي جعل الريبة تتعاظم لديه حول التلاقيح المضادة لفيروس كورونا خاصة وأن ميله للتأثر بالأخبار الفاجعة والسلبية أعظم بكثير من تفاعله مع الأخبار المطمئنة والايجابية.
وشدد المختص في تصريح لـ”وات” على أن مشاركة الإشاعات التي تحوم حول التلاقيح المضادة لفيروس كورونا وآثارها الجانبية القريبة والبعيدة المدى والترويج لنظرية المؤامرة على صفحات التواصل الاجتماعي بصفة جماعية ومشتركة ينتج عنه فاعلية تأثير أقوى بكثير في المتقبل مقارنة ببعض المحاضرات العلمية التي قد تُبّث على المحطات التلفزيونية والاذاعية والتي تُفند هذه الأفكار.

الاقتصار على المقاربة الرقمية للترويج لحملة التلقيح ضد فيروس كورونا يُعد خطآ تواصليا كبيرا:
وفي هذا السياق يرى المختص في علم الاجتماع بلعيد أولاد عبد الله أنه كان على المختصين النفسانيين والاجتماعيين صلب اللجنة الوطنية للتلقيح فيروس كورونا لعب دور هام في مكافحة جميع الاشاعات التي تحوم حول التلاقيح والوباء وعدم ترك المواطنين فريسة لها في ظل غياب المعلومات العلمية المبسطة.
وبيّن في تصريح لـ (وات) أن الاقتصار على المقاربة الرقمية للترويج لحملة التلقيح ضد فيروس كورونا يعد خطآ تواصليا كبيرا تسبب في عزوف فئة كبيرة من المواطنين عن التلقيح.
واعتبر أن تعدد أنواع التلاقيح والشركات المنتجة لها جعل المواطنين يعيشون حالة من التردد والريبة غذّتها الإشاعات عبر صفحات التواصل الاجتماعي التي ترسخ عديد الأفكار الشائعة والخاطئة لافتا إلى أن التسويق لهذه اللقاحات في تونس لم يكن طبيا بل كان تجاريا بحتا ما جعل البعض يعتقدون أن عددا من المخابر العالمية بصدد التنافس على بيع بضاعتها لأغراض ربحية بحتة، مقابل تخلف المشرفين على حملة التلقيح عن تقديم تطمينات وتوضيحات وتعريفات مبسطة لمختف أنواع التلاقيح تبين سلامتها وفاعليتها على اختلافها.

حملات تواصلية مباشرة:

وأوضح أولاد عبد الله من ناحية أخرى أن التعويل على التكنولوجيا لإطلاق حملة التلقيح ضد فيروس كورونا والترويج لها أمر جيّد لكن من الأنجع معاضدة ذلك بحملات تواصلية مباشرة تعتمد على مبدإ القرب وتأخذ بعين الاعتبار الخصائص الاجتماعية والثقافية والنفسية للمجتمع وتستهدف جل الشرائح والفئات على اختلافها وخاصة غير المواكبين للتطورات الرقمية والتكنولوجية، تحثهم على أهمية تلقي التلقيح ضد فيروس كورونا .