قال الخبير الاقتصادي والوزير الأسبق محسن حسن، إنّ البنوك الوطنية رفضت إقراض الدولة على المدى البعيد حيث لم تتمكن وزارة المالية للمرة الثانية على التوالي (خلال شهريْ جويلية وأوت من السنة الحالية) من إصدار أذون خزينة طويلة المدى، (خلال شهر جويلية الماضي بقيمة 150 مليون دينار)، ولم تنجح الوزارة في إقناع البنوك الوطنية بجدوى هذه العملية الاستثمارية، حسب تعبيره.
وأشار حسن، إلى أنّ قائم قروض الدولة لدى النظام البنكي الوطني بلغ مستوى قياسيا يُقدر بـ 18 مليار دينار، مضيفا في تصريح للجوهرة اف أم، “أنّ الدولة وأمام صعوبة الولوج إلى التمويلات الخارجية بسبب عدم الاتفاق حول برنامج مع صندوق النقد الدولي وتراجع ترقيمنا السيادي، تلتجأ إلى التداين الداخلي، لتمويل احتياجاتها.
وأرجع حسن فشل وزارة المالية، في إصدار أذون خزينة طويلة المدى، إلى أنّ البنوك التونسية تُحدد الاكتتاب في أذون الخزينة على المدى القصير، نظرا لإعادة تمويلها من قبل البنك المركزي، إضافة إلى أنّ التمويل طويل المدى يشترط وجود ثقة بين المتعاملين الاقتصاديين والوضوح على مستوى المشهد السياسي”.
وبيّن الخبير الاقتصادي، “أنّ النظام البنكي يعاني من شحّ في السيولة، مشيرا إلى أنّ دعم البنك المركزي للسُيولة يُقدر بـ 12 مليار دينار يوميا، معتبرا هذا الرقم مرتفعا، مقارنة بما وقع تسجيله خلال الأشهر الماضية”.
كما أرجع محسن حسن فشل وزارة المالية، في إصدار أذون خزينة طويلة المدى، إلى “تقرير وكالة “ستندار اند بورز”، وما كشفه من مخاطر تواجهها البنوك التونسية، خاصة تلك المتعلقة بتراجع مردوديتها واشتداد المنافسة، وضعف مواردها الذاتية، “وهي عوامل لا تجعلها تتوجه نحو استثمارات على المدى البعيد”، حسب تقديره.
وبيّن المحدّث “أنّ الوضعية الصعبة التي تمر بها المالية العمومية والنظام البنكي، تتطلب حلولا سريعة تكمن في تكوين حكومة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي حول برنامج جديد للإصلاحات وتفعيل الديبلوماسية الاقتصادية للحصول على هبات وتمويلات من الدول الشقيقة والصديقة”، مشددا على أهمية صناعة النمو، من خلال اعتماد سياسات اقتصادية جديدة، تشمل التصرف في المنظومات الفلاحية والمنظومات الإنتاجية بصفة عامة، وإرساء مناخ أعمال جذّاب، لدفع الاستثمار والتشجيع على التصدير وخلق الثروة، مشيرا “إلى أنّ كل نقطة نمو إضافية تُمّكن الدولة من موارد بقيمة تترواح بين 6.5 إلى 7 مليار دينار، وهو ما يُغنينا عن التداين الخارجي ويقلص من تبعية الخزينة العامة، سواء للنظام البنكي أو للمؤسسات المالية العالمية أو للدول المانحة”، حسب تعبيره.