سيدي بوزيد: متى تنتهي معاناة العاملات في القطاع الفلاحي؟

تعيش المرأة الريفية  العاملة في القطاع الفلاحي بسيدي بوزيد ظروفا قاسية وانتهاكات بالجملة لحقوقها انطلاقا من الساعات التي تقضيها في التنقل كل فجر من وإلى الحقول للعمل هناك  وبما تحمله الفصول من حر و قر و تدني الأجور و غياب العطل، مرورا بسوء المعاملة والتحرش الجنسي والنقل وصولا الى انعدام  الضمان الاجتماعي و الصحة و السلامة المهنية إذ انها تعمل ضمن قطاع غير مهيكل وفي ظروف قاسية تتهددها مخاطر جمة بسبب الاستعمال المكثف للمبيدات الحشرية التي اضحت تسجل حضورا دائما في الحقول الفلاحية,

جمعية " النساء اولا  " في سيدي بوزيد اهتمت بالواقع الصحي للعاملات في القطاع الفلاحي بالجهة ضمن برنامجها  " صحتي " الممول من الاتحاد الاروبي و توصلت الى الوقوف على تلك النتائج على اثر قيامها  بدراسة ميدانية على النساء العاملات القطاع الفلاحي في كل من   منطقتي    " الزعافرية "  و "  الطويلة " التابعتين لمعتمدية سيدي بوزيد الغربية  و  كذلك بمعتمدية " الرقاب " حيث  تتوافد النسوة للعمل هناك  و قامت   ( الجمعية ) بحملات توعوية حول مخاطر إستعمال المواد الكيميائية في الفلاحة و طرق التوقي منها.

و حسب حياة لطيف القادري  رئيسة الجمعية فان هذه الدراسة شملت 90 عاملة في الفلاحة بالمناطق انفة الذكر و  تم تشخيص الواقع الماساوي الذي ظلت عليه المراة منذ عقود تعاني من وضعية صحية صعبة تتسم بغياب كلي لظروف عمل لائقة تضمن سلامتها إذ ان اغلب النسوة يعانين من أمراض خطيرة جلدية منها و تنفسية و جاء في الدراسة ان احداهن تعرضت لمشكل صحي خطير على مستوى الحلق بعد ان شربت على وجه الخطأ بدل الماء  أدوية كميائية فالتصق لسانها بحلقها و أحيلت على المستشفى لمدة طويلة ثم  انفصلت بعد ذلك عن زوجها الذي رفع في شأنها  قضية طلاق بعد تماثلها للشفاء  بنسبة محدودة ثم  انقطعت بعد ذلك  ابنتها عن الدراسة في سنّ مبكرة    – بحسب تأكيد رئيسة الجمعية – التي اضافت ان إمرأة اخرى أجهضت صغيرها بعد 13 سنة من  الانتظار و  تعرضت طالبة عملت بصفة موسمية  بالقطاع الفلاحي إلى حروق بليغة على مستوى الوجه ما تسبب لها في عقدة نفسية.
الدراسة الميدانية اكدت كذلك على ان المراة  العاملة في القطاع الفلاحي تعاني من غياب عقود الشغل و التغطية الصحية و الاجتماعية و من  محدودية  الوعي بخطورة الأدوية و المبيدات المستعملة في الفلاحة في ظل غياب الدورات التكوينية و التحسيسية في المجال الى جانب قلة الاهتمام بظروفها الصحية و التي من اهمها القيام بالتقصي المبكر عن السرطانية الانثوية.
  
و قالت حياة لطيف ان جمعيتها ستعمل جاهدة  للتعريف بمشاكل المراة العاملة في القطاع الفلاحي الى غاية ان  تتوفر لها  الظروف الملائمة من جهة و تحسس المسؤولين المركزية منهم و الجهويين بهذه الفئة من العاملات من اجل ايلائها ما   تستحق من العناية بما يضمن لها العيش الكريم.

هذا وعبرت لطيف عن عميق اسفها لما يحف نساء  " الفجر  " بسيدي بوزيد من مخاطر يومية و أشارت  الى حادثتي اصطدام السيارات التي تقل العاملات بوسائل نقل اخرى في اليومين الأخيرين بمنطقتي " العظلة  " و "  الزعافرية " التابعتين لمعتمدية سيدي  بوزيد  الغربية و اللتين اسفرتا عن إصابة 11 امراة بجروح  متفاوتة  الخطورة  استوجبت نقلهن الى المستشفى الجهوي بسيدي بوزيد لتلقي الاسعافات  و  العلاج  اللازمين.

* محمد صالح  غانمي