اعتبر المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين، بعد إطلاعه على مقطع الفيديو الذي تم تداوله مساء أول أمس على صفحات التواصل الاجتماعي والذي يظهر اعتداء عناصر أمنية بالعنف على شاب بجهة سيدي حسين السيجومي، أنّ المقطع تضمّن تجاوزات صادمة تمس بالكرامة الإنسانية من العناصر الأمنية التي من المفترض أن تحمي حرمة المواطنين وأمنهم، لكنها وارتكبت تجاوزات فضيعة في حق الشاب وعاملته بطريقة مخلة بالكرامة الإنسانية والحرمة الجسدية المكفولتين دستوريا لكل مواطن مهما كان الوضع الذي يمكن أن يوجد فيه.
وأكّد المكتب أنّه اتصل بالنيابة العمومية لدى المحكمة الابتدائية بتونس 2 للاستفسار عن ملابسات الواقعة والقرارات القضائية التي اتخذت في الغرض ومنها ما تعلق بإيقاف الشاب المعتدى عليه وفق ما تم تداوله إعلاميا، وقد تمّ التؤكد أن الإذن بالاحتفاظ بالشاب المعتدى عليه من قبل النيابة العمومية كان بناء على ما بلغ إليها من معطيات من قبل أعوان الأمن يوم الحادثة، وأنه فور تأكدها من حقيقة الواقعة ومن الاعتداء الموثق بمقطع الفيديو تولت الإذن بالإفراج عن الشاب وفتح أبحاث أولية ضد العناصر الأمنية المرتكبة للتجاوزات الجسيمة في حقه.
وأدان المكتب التنفيذي لجمعية القضاة بشدة ما تعرض له الضحية من اعتداءات خطيرة نالت من حرمته الجسدية وكرامته البشرية بشكل صادم ومخز يذكرنا بالممارسات المشينة لأنظمة الاستبداد، مستنكرا الاستعمال المفرط وغير المقبول للقوة لقمع الاحتجاجات التي عقبت الوفاة المسترابة لأحد أبناء منطقة السيجومي بمركز أمن المكان عوض فتح الأبحاث الإدارية الجدية في تلك الواقعة ومحاولة تهدئة الأجواء المتوترة واستعادة السلم الاجتماعي من خلال التعاطي الأمني السليم مع المحتجين.
كما عبر عن قلقه الشديد من تواتر الاعتداءات الأمنية على المواطنين في غياب مقتضيات الإصلاح المؤسسي والعميق للمؤسسة الأمنية بعد الثورة وفي فترة الانتقال الديمقراطي بردع تجاوزات الماضي والانتهاكات المقترفة سابقا وينبه إلى خطورة استمرار الإفلات من العقاب وتكرار تلك التجاوزات الخطيرة دون أدنى احترام لمقتضيات الدستور والقانون.
وطالبت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية تونس 2 بالتسريع في الأبحاث القضائية التي أذنت بفتحها ضد مرتكبي هذه التجاوزات كما دعا أعضاء السلطة القضائية بمختلف مواقعهم بوصفهم حماة الحقوق والحريات طبق نص الدستور إلى القيام بالدور الموكول إليهم في البت في قضايا التعذيب وقضايا الموت المستراب وتتبع الجناة من منتهكي كرامة المواطنين وحرمتهم الجسدية على وجه التأكد ودون تمطيط للإجراءات وضمان التوصل إلى نتائج حقيقية في ذلك تعطي جدوى للمحاسبة وتضمن عدم تكرار التجاوزات وتؤسس لسياسة الحد من الإفلات من العقاب.
ودعا رئيس الحكومة ووزير الداخلية بالنيابة إلى تحمل مسؤوليته كاملة تجاه هذه الأحداث واتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بحماية المواطنين من الاعتداءات والتجاوزات الأمنية الخطيرة والمتكررة وفقا للدستور والقانون والتصدي لكل محاولات التغطية على المعتدين أو التستر عن هوياتهم وعدم تقديمهم للعدالة.
كما دعا كل المنظمات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني المدافعة على حقوق الانسان إلى التصدي لهذه التجاوزات المتفاقمة بشتى الوسائل القانونية الممكنة، مؤكّدا متابعته للموضوع عن كثب وتعامله معه حسب مجريات الأمور وتطوراتها.