سوق العقارات في دبي يزدهر على أيدي الأثرياء الهاربين من إغلاقات كورونا

يخرج سوق العقارات في دبي من أزمة استمرت ست سنوات على أيدي مستثمرين دوليين أثرياء هربوا من إجراءات الإغلاق المرتبطة بفيروس كورونا في بلدانهم  ليقودوا في الإمارة الخليجية عمليات شراء بمبالغ ضخمة لوحدات سكنية فارهة.
 

وتُعتبر الفلل الفاخرة من أكثر الوحدات استقطابا للزبائن في السوق العقاري مؤخرا في دبي حيث يبحث المشترون الأوروبيون بشكل خاص عن وحدات سكنية في جزيرة نخلة جميرا الاصطناعية، فضلاً عن العقارات الواقعة في ملاعب الجولف.
 

ويقول المدير المسؤول في شركة "بروبرتي مونيتور" الاستشارية زان زوتشينكي لوكالة فرانس برس إن سوق العقارات في دبي الذي شهد تراجعا منذ عام 2014، دخل في سبات مع انتشار فيروس كورونا العام الماضي وإغلاق دبي لأبوابها.
 

لكن "بعد ذلك مباشرة، بعد فترة الاغلاق، بدأنا نشهد زيادة في حجم المعاملات ولم تتوقف منذ ذلك الحين"، بحسب زوتشينكي.
 

وتابع "نحن نشهد الآن مكاسب قياسية على أساس شهري وعلى أساس حجم المعاملات".
 

وأصبحت الإمارة الخليجية واحدة من أبرز الوجهات العالمية التي أُعيد فتحها للزوار في جويلية من العام الماضي، بعدما نجحت في المزج بين سياسة الباب المفتوح والقواعد الصارمة المتعلقة بالتباعد الاجتماعي، قبل انطلاق برنامج للتطعيم من بين الأسرع في العالم.
 

ورغم ازدياد حالات الإصابة بفيروس كورونا في 2021 مع تدفق السياح على الإمارة، استمرت الحياة بشكل طبيعي بينما كانت القيود تتسبّب في توقف الحركة في مدن أخرى.
 

وقال زوتشينكي "الهاربون من الإغلاقات في دول أخرى؟ أعتقد أنّنا نرى الكثير منهم هنا"، مشيرا إلى إغراءات أخرى مثل قرار السماح بتملك الاجانب الشركات بشكل كامل دون الحاجة إلى شريك محلي.

وأعاد تدفّق الزوار إحياء السياحة التي كانت لفترة طويلة الدعامة الأساسية لاقتصاد دبي غير المعتمد على النفط، فساعد على التعافي والعودة إلى مستويات ما قبل كوفيد-19 في أفريل الماضي، وفقًا لمجموعة "آي أتش أس ماركيت" الاستشارية.
 

وقال الخبير الاقتصادي في المجموعة ديفيد أوين "سجّلت شركات السفر والسياحة أكبر انتعاش ملحوظ في الأداء وسط آمال متزايدة بارتفاع النشاط السياحي في وقت لاحق من العام الحالي، مدعومًا بالتوزيع السريع للقاح".

بعد سنوات من السبات وتلاشي أسهم قطاع العقارات، تبرز مؤخرا الزيادة الملحوظة في بيع وشراء العقارات الفاخرة التي تتجاوز قيمتها 10 ملايين درهم (2,7 مليون دولار)، مع توقيع 90 صفقة في أفريل مقارنة بحوالي 350-400 على أساس سنوي، وفقًا لشركة "بروبرتي مونيتور".
 

وتم بيع قصر في جزيرة النخلة مقابل 111,25 مليون درهم، وهو أعلى سعر تم التوصل إليه منذ سنوات في المنطقة التي تضم 16 "سعفة" تصطف على جانبيها البيوت والسيارات الفارهة.

 

والعقار الأعلى سعراً حاليا في السوق هو عبارة عن فيلا حديثة مستوحاة من الطراز الإيطالي تقع في نهاية إحدى السعف يحيط بها شاطئ خاص، وقد جرى عرضها مقابل 100 مليون درهم.

وبعد التراجع في السوق العقاري خلال ذروة انتشار الوباء، يأمل المطوّرون في أن يشعر أحد الأثرياء بالإغراء لشراء الوحدة التي تضم مسبحا وسينما.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة "بلاك بريك" العقارية ماثيو بات "أعتقد أن الناس بدأوا يدركون أن دبي لم تعد مجرد موقع بناء، ربما كان ذلك قبل 10 سنوات عندما كان لدينا أكبر عدد من الرافعات في العالم".

وأضاف "ينظر الناس الآن إلى دبي ويقولون: سأنقل مقري إلى هنا. يمكنني العمل من دبي وفي نفس الوقت أدير الأعمال في أوروبا أو أميركا الشمالية أو آسيا"، مضيفا "أعتقد أن ما فعله كوفيد-19 في النهاية هو أنّه فتح أبوابنا أمام بقية العالم."

لكن في سوق متقلّب جنى الكثير من الثروات ثم خسرها، هناك توتر بشأن إمكانية استمرار الارتفاعات المفاجئة الأخيرة.

فقد ازدادت مبيعات العقارات التي تجاوزت 10 ملايين درهم بنسبة 6,7 في المئة في أفريل مقارنة بالشهر السابق، وتم بيع 81 فيلا في النخلة في أفريل وحده مقارنة بـ54 في 2020 بأكمله ، وفقًا لشركة "بروبرتي مونيتور".

وحتى مع المكاسب الملحوظة، لا يزال القطاع بعيدًا عن أعلى مستوياته في عام 2014، وسط تراجع مستمر في سوق الشقق السكنية.

ومع ذلك، قالت شركة الخدمات المالية "مورغان ستانلي" في تقرير حديث إنّه من غير المرجّح أن يتوقف هذا الارتفاع قريبًا.

وقالت "الطلب القوي وبلوغ نمو المعروض ذروته (…) يمكن أن يؤديا إلى سوق أكثر صلابة على مدى السنوات العديدة المقبلة".
 

وأرجعت الفضل إلى "موجة الإصلاحات الحكومية على مدى الـ 12 شهرًا الماضية، ومعدلات الرهن العقاري الجذابة، والتحول في أنماط الطلب بسبب كوفيد-19"

(أ ف ب)