حجر صحي…أم ''جزية'' على الوافدين التونسيين؟
فوضى، سوء معاملة، عدم عمل بالاجراءات الصحية، إلزامٌ بدفع معلوم الإقامة في الحجر الصحي الإجباري حتى للمعفيين من الحجر.. هذا ما جاء في شهادات مسافرين عادوا خلال الأيام القليلة الفارطة من فرنسا، وأكدوا لموزاييك أنهم عاشوا كابوسا بين مطاري فرنسا وتونس، وتكبّدوا خسائر مادية فادحة وأضاعوا ساعات من الانتظار والتعطيل..
إعفاء ''افتراضي'' للوافدين للتداوي من الحجر الإجباري
بتاريخ 2 ماي 2021، كانت وزارة الصحة قد أعلنت -عبر موقعها وفي صفحتها على فايسبوك- شروط قبول المسافرين الوافدين إلى تونس عبر المعابرالجوية والبحرية والبرية. وأكدت الوزارة أنه يستثنى من الحجر الصحي الإجباري الوافدون الذين استكملوا التلقيح ضد كوفيد-19 أو الذين أصيبوا بمرض كوفيد-19 وتلقوا اثرها جرعة واحدة من التلقيح والمتحصلين على شهادة في الغرض مسلّمة من قبل السلطات الصّحّيّة لبلد الإقامة مع الالتزام للخضوع للحجر الصحي الذاتي في أماكن الإقامة بتونس.
كما يستثنى من الحجر الإجباري القصّر غير المصحوبين أو المرافقين لأشخاص ملقّحين ضد كوفيد-19، والوافدون للتداوي طبقا للإجراءات المعمول بها بالتنسيق مع السلطات المعنية، إضافة إلى الأشخاص ذوي الاحتياجات الخصوصية (الحاملين لإعاقة وكبار السن الغير قادرين على أداء الأنشطة اليومية والعناية بأنفسهم).
ووفق البلاغ ذاته، ''يخضع المستثنون من الحجر الصحي الإجباري إلى اختبار سريع للتقصي من فيروس SARS-CoV-2 (TDR-Antigène) حال الوصول إلى البلاد التونسية وبصفة آلية''.
الإعفاء من الحجر ''إشاعة''
وحينها، كان محمد الرابحي رئيس لجنة الحجر الصحي بوزارة الصحة قد أوضح في تصريح لموزاييك، أن على ''الوافدين للتداوي'' الاستظهار بملف طبي يوضّح طبيعة التدخل الطبي أو العلاج الذين قدموا لأجله، وموعده، لتمكينهم من العبور دون حجر إجباري.
لكن هذا لم يحصل مع من أدلوا بشهاداتهم لموزاييك، إذ أكدت المسافرة ''أ.ش'' التي قدمت إلى تونس بتاريخ 20 ماي، أن مصالح التسجيل في المطار الفرنسي امتنعت عن الإطلاع على ملفها الطبي ''وأكدوا لها أن لا علم لهم بهذا الإعفاء''، وطٌلب منها صراحة الاستظهار بحجز في أحد نزل الحجر الصحي ''دون ضرورة الالتزام بقضاء مدة الحجر فيه''. وهو ما تم فعلا، إذ أكدت المسافرة أنها أضطرّت إلى إرسال مبلغ قدره 680 دينارا إلى صاحب أحد النزل في المنستير عبر خدمة تحويل الأموال ''ويسترن يونيون''، لعدم توفّر أي منظومة حجز مقنّنة وواضحة، وقد كان المبلغ المدفوع أكثر من سعر الليلة المقضاة في هذا النزل (80 دينارا لليلة أي 560 دينارا لـ7 ليالي) وحين احتجّت المسافرة عن ارتفاع الثمن، هدّدها المسؤول في النزل بعدم اتمام الحجز في حال لم تدفع المبلغ المطلوب.. (تحصلنا على وثائق تثبت صحة تصريحات المسافرة).
الحجر الإجباري ''جزية'' على الوافدين؟
إضافة إلى ما سبق، لم يُطلب من المسافرة المذكورة حال وصولها مطار المنستير الدولي، أي التزام بقضاء فترة الحجر من طرف أعوان وزارة الصحة المتواجدين في المطار والذين اكتفوا بالاطلاع على الحجز المذكور، لتغادر المطار دون أي مرقابة ودون أخذ أية معطيات عنها لإخضاعها لتحليل كورونا لاحقا كما ذكر في إجراءات وزارة الصحة.. ولم يفت المسافرة المذكورة أن تشدد على حالة الفوضى التي شهدتها في المطار، وضياع حقيبتها التي تبين أنها لم تُرسل أصلا وبقيت في فرنسا..
مسافرة أخرى (م.د) قدمت أيضا من فرنسا بعد تأخير رحلتها بساعات ومنعها من صعود الطائرة دون حجز في نزل رغم استظهارها بملف طبي يثبت توجّهها للخضوع إلى عملية جراحية، لتخضع لذلك وتقوم بالحجز وارسال المبلغ المالي لأحد النزل، وتصعد الرحلة التالية، وحال وصولها مطار صفاقس فوجئت بحالة من الفوضى العارمة بسبب تواجد عون صحة وحيد لمراقبة الوافدين في رحلتين.. وتحوّل الأمر إلى حالة من الاحتقان والغضب في صفوف الوافدين خاصة بعد أن وصل الأمر إلى افتكاك جوازات سفر عدد من المسافرين من أجل إجبارهم على الحجز في نزل، وفق ما أكدته المسافرة.
قادمان آخران غدا من فرنسا إلى المنستير عبر رحلة بحرية، أكدا بدورهما لموزاييك أنهما قاما بحجز 7 أيام في أحد النزل الموجودة في قائمة وزارة الصحة مع اتفاق مسبق ''على عدم الخضوع للحجر الاجباري''، وأفادا بأن ''الأمر صار متداولا لدى الوافدين بضرورة الحجز دون الالتزام بالحجر''..
وزارة الصحة لا علم لها بهذه الخروقات..
وباتصال موزاييك برئيس لجنة الحجر الصحي محمد الرابحي، تفاجأ بهذه الشهادات مؤكدا عدم علمه بحصول هذه الخروقات، ومرجعا الأمر إلى إمكانية وجود "نقص في التنظيم". كما حمّل النزل المذكورة مسؤولية عدم تطبيق الحجر الإجباري.
في حين يبقى السؤال المطروح، كيف لوزارة الصحة أن لا تحرص على متابعة تطبيق الحجر الإجباري في النزل التي اتفقت معها؟ وأين هي التحاليل التي تؤكد الوزارة القيام بها للمحجورين إذا كان الوافدون غير محجورين أصلا ولا تعرف مكانهم؟ ثم كيف للوزارة أن تؤكد للوافدين للتداوي إعفاءهم من الحجر ولا تحرص على تطبيق هذا الإعفاء؟
أمل الهذيلي