وافت المنية اليوم الأحد 23 ماي 2021 السياسي والمحامي التونسي أحمد المستيري عن سنّ تناهز 96 عاما، بعد مسيرة نضالية وسياسية متمّيزة تقلّد خلالها عدّة مناصب وساهم من موقعه في تحقيق عدّة انجازات للدولة التونسية الحديثة. وكان أحد أعضاء المجلس القومي التأسيسي الذي أرسى أوّل دستور للبلاد التونسية بعد الإستقلال.
ولد أحمد المستيري في عائلة ثرية في 2 جويلية 1925. زاول دراسته العليا في مجال الحقوق في الجزائر ثم بمعهد الدراسات السياسية وكليّة الحقوق بباريس حيث أحرز على الإجازة.
وبدأ مسيرته المهنية كمحام في عام 1948، وبالتزامن مع مهنة المحاماة كان للراحل نشاط سياسي ضمن الحزب الدستوري الجديد خلال الإستعمار الفرنسي.
في سنة 1950 انضمّ المستيري إلى جامعة الحزب الحر الدستوري الجديد بتونس قبل أن يلتحق في جانفي 1952 بالديوان السياسي السري للحزب الذي أصبح يقوده فرحات حشاد والصادق المقدم.
في أوت 1954، أصبح مدير ديوان وزير الداخلية المنجي سليم.
عيّن أحمد المستيري رأس كتابة الدولة للعدل (وزارة) في 14 أفريل 1956في أول حكومة شكلها الحبيب بورقيبة بعد الاستقلال، تمّ تعيين ي المستيري على رأس كتابة الدولة (أي وزارة)، وساهم في منصبه ذاك في تونسة الجهاز القضائي، وفي تحرير القوانين الجديدة ومن ضمنها مجلة الأحوال الشخصية.
شغل منصب ممثل تونس في مجلس الأمن للأمم المتحدة إثر النزاع مع فرنسا بعد قصف ساقية سيدي يوسف في 8 فيفري 1958.
وفي 10 ديسمبر 1958 تولى حقيبة المالية والتجارة، وهو المنصب الذي شغله لمدة عامين قبل يعيّن في 1960 سفيرا لتونس لدى الاتحاد السوفياتي سابقا ثم في الجمهورية العربية المتحدة (اتحاد بين مصر وسوريا دام لثلاث سنوات) عام 1961 ، ثم في الجزائر عام 1962.
وفي 24 جوان 1966، عاد إلى تونس ليتولى وزارة الدفاع.
معارضته العلنية لسياسة التعاضد الفلاحي كلّفته طرده من الحزب الاشتراكي الدستوري الحاكم في 29 جانفي 1968 قبل أن يعود إلى الديوان السياسي للحزب في 23 أفريل 1970، بعد إزاحة أحمد بن صالح الذي كان مشرفا على ملف التعاضد.
وفي 12 جوان عيّن وزيرا للداخلية، لكنه استقال في 21 جوان 1971 نظرا لعدم وفاء بورقيبة بوعوده بخصوص الانفتاح السياسي.
انتخب في أكتوبر 1971 في اللجنة المركزية للحزب، ولكن بورقيبة علّق نشاطه قبل طرده منه نهائيا في 21 جانفي 1972، و 20 جويلية 1973 طُرد من البرلمان الذي كان عضوا فيه منذ الاستقلال.
خلاف مع بورقيبة وتأسيس حزب معارض
في جوان 1978، أسس أحمد المستيري حركة الديمقراطيين الاشتراكيين وتولى أمانتها العامة. وفي عام 1981 شارك حزبه في أول انتخابات تعددية انتهت بالإعلان عن فوز ساحق للحزب الحاكم. وقد كشف أكثر من مسؤول فيما بعد أن تلك الانتخابات وقع تزويرها. وفي أفريل 1986، وقع إيقافه وسجنه ثم أخضع للإقامة الجبرية إثر مشاركته في مظاهرة منددة على العدوان الأمريكي على ليبيا. وانسحب طوعيا من الأمانة العامة لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين، ووضع حدا لكل نشاط سياسي.
بعد الثورة عاد إسم المستيري إلى البروز بعد أن تمّ ترشيحه في 2013 خلال الحوار الوطني لترؤس الحكومة التونسية إثر الأزمة السياسية التي عصفت بالبلاد بعد اغتيال المناضلين شكري بلعيد ومحمد البراهمي.
وللمناضل الراحل خمسة أبناء (4 ذكور وبنت) من زواجه بسعاد شنيق، ابنة الوزير الأكبر الأسبق محمد شنيق.