الوضع الوبائي: مواقف الأطباء بين التهويل والتهوين

مع معاودة وتيرة الإصابات بفيروس كورونا إلى الإرتفاع وتعدّد حالات العدوى بالسلالة البريطانية، عادت المخاوف بشأن عدم قدرة المنظومة الصحية على الصمود أمام ازدياد الطلب على أسرّة الإنعاش في القطاعين العام والخاص، خاصة مع بلوغ العديد من المؤسسات الإستشفائية لطاقة استيعابها القصوى. 
 

هذه التطوّرات على مستوى الوضع الوبائي جعلت العديد من الأطباء يدعون إلى الإغلاق وفرض حجر شامل أو على الأقل حظرا موجّها للسيطرة على الوضع الوبائي وتجنّب تكرار سيناريو الأشهر القليلة الماضية. 
 

ويرى عدد منهم على ضرورة أن تتحمّل الدولة مسؤوليتها وتوفير الإعتمادات المالية الضرورية لتغطية تكلفة هذا الإغلاق على النشاط الإقتصادي.

  
وفي المقابل يرى عدد آخر من الأطباء إلى أنّ هذه الدعوات مبالغ فيها، وأنّه لا يجب تهويل الوضع الوبائي، وأنّه يتعيّن توفير التلاقيح وتسريع وتيرتها، لأنّ التطعيمك يظلّ أكثر الطرق نجاعة للسيطرة ولو بشككل جزئي على الوباء، مشيرين إلى أنّ الإغلاق لا يشكّل الحلّ الأمثل ودليلهم على ذلك الموجة الجديدة التي تشهدها العديد من الدول المتقدمة رغم الإغلاق. 
 

الدكتور فوزي الشرفي عضو نقابة اطباء الإختصاص للممارسة الحرّة هو من بين الأطباء الذين دعوا إلى تقديم حظر الجولان  خلال شهر رمضان وغلق المقاهي والمطاعم وغيرها من الأماكن المفتوحة للعموم.
 

وقال في تصريح لموزاييك في برنامج ''صباح الناس'': ''نحن في حالة وبائية خطيرة ونشهد انتشارا كبيرا للوباء وللحالات الخطيرة''، محذّرا من أنّ ''تواصل النسق التصاعدي  للإصابات سنتجاوز طاقة استيعاب المستشفيات العمومية والخاصة".
 

ويرى بأنّ الحلّ يكمن في ثلاث اجراءات متزامن أوّلها حملة التلاقيح التي يتعيّن توفيرها بصفة كافية مع التسريع في وتيرتها. أمّا الثانية فهي تتعلّق بالإلتزام بالتدابير الوقائية التي يتحمّل المواطنون جانبا كبيرا من المسؤولية فيها، مع ضرورة توزفير الكمامات للفئات الفقيرة وذات الدخل المحدود.  أمّا الإجراء الثالث فيتمثّل في فرض حجر صحي موجّه رغم "طابعه التعسفي على الإقتصاد والمالية العمومية"، وغلق المقاهي والمطاعم في رمضان. 
 

وقال في هذا الخصوص "الدولة يتعين عليها القيام بواجبها وهي الحامية للمواطن ويمكن أن تجد التمويلات لذلك مثلما وجدت التمويلات لإخماد عدد من التحركات الإحتجاجية"

 

في المقابل عبّر عدد من الأطباء عن معارضتهم لقرار الحضر الشامل واغلاق الأماكن المفتوحة للعموم من مقاه ومساجد، معتبرين أنّ ذلك سيعود بالوبال على الوضع الإقتصادي المتردي أصلا.

ماهر عباسي طبيب تخدير وانعاش أبدى، في مداخلة هاتفية في برنامج صباح الناس معارضته للحجر الشامل، لأنّ الفيروس سيشكّل دائما عنصر مفاجأ مع ما يشهده من تحوّرات. واعتبر أنّ نتائجه محدودة، مشيرا في هذا السياق إلى العديد من  التجارب في الدول المتقدمة والتي تمتلك امكانيات كبيرة مقارنة بتونس.
 

وأشار إلى أنّ تونس تسجّل 750 وفاة على كل مليون ساكن فيما ترتفع هذه الأرقام إلى  1800 على كل مليون ساكن في عدد من الدول المتقدمة على غرار فرنسا ودول أخرى.

ودعا إلى عدم بثّ الهلع في نفوس المواطنين وتبني خطاب عقلاني، لأنّ الإعتماد على عامل الخوف لدى المواطنين لم يعد ليجدي نفعا. وتابع قوله ''لا يجب الذهاب إلى الحلول القصوى ولا يجب التهاون أيضا''.
 

وأشار إلى أنّ الحلّ الأنجع يكمن في التلقيح، داعيا إلى توفير التلاقيح في أسرع وقت ممكن وتطعيم أكبر عدد من المواطنين حاصة من كبار السّن والحاملين لأمراض مزمنة والذين يمثّلون الفئة الأكثر عرضة للإصابات الخطيرة.
 

كما شدّد على ضرورة التسجيل في منظومة ''ايفاكس'' للتلقيح ضدّ كورونا، وخاصة من كبار السن.

 

ودعا إلى حماية كبار السنّ، والتقليل من زيارات أقاربهم لهم إلاّ للضرورة القصوى.

 

موزاييك آف آم.نت