إن نجونا من الموت فقرا.. نُقتل في الجبل غدرا (فيديو)
لم يستوعب والد الطفل الشهيد ثامر فقراوي (13 سنة)، خبر استشهاد ابنه بلغم إلى الآن.
ردّد في مرات كثيرة وطوال ساعات طويلة، في يوم فقدت فيه تونس أصغر شهيدين في حربها على الإرهاب، أنه تمنى أن يكون هو ضحية اللغم عوض ابنه الذي أنهى الجبل حياته القصيرة جدا.
بعد يوم واحد من مغادرة الراعي الطاهر الخضراوي للمستشفى الجهوي بالقصرين، بعد أن أصابه لغم في مرتفعات مغيلة، لغم آخر في جبل السلوم يؤدي إلى استشهاد الطفلين ثامر وماهر فقراوي وإصابة امرأة، عندما كان عدد من السكان يجمعون الحطب وسط جبل السلوم.
وإثر تشييع جثمانيْ الشهيدين الطفلين إلى مقبرة تطل على جبل السلوم، تعالت صيحات أهالي المنطقة المودعة للراحلين عن المنطقة الواقعة على خط النار قبل الأوان، وامتزجت بصيحات أخرى تذكر بمطالب المنطقة بكرامة طال انتظارها.
يتجول بنا محمد أحد أقارب الشهيدين، بين منزل الطفلين يذكرنا بغياب الطريق والماء الصالح للشرب عن المنطقة.
ويشدد في كل كلمة يصرح بها لموزاييك على أن غياب العلف واحتكاره، يدفع بالأهالي إلى التوغل في الجبل، حتى يوفروا المرعى لأغنامهم، وهي مورد رزقهم الوحيد، بالإضافة إلى دنانير قليلة يوفرونها من ثمن بيع الحطب الذي يمنّ به الجبل عليهم.
يقول محمد "أفراد عائلتي الشهيدين يقطنان في غرفة واحدة لكل منهم، عشرة أشخاص في غرفة واحدة… هل من العدل أن نشرب من بئر "ماجل" مليء بالأوساخ، أين الكرامة؟".
تقترب الشمس من الغروب خلف الجبل، وتتزايد وتيرة المطالب المذكرة بالعدالة الاجتماعية لسكان منطقة "وسنينت" الواقعة على خط التماس مع المنطقة العسكرية المغلقة، لتصطدم دموع الأب الغارق في حزن الفاجعة بآذان صمّاء كجمود الجبل، دموع تذكّر بتاريخ طويل من فواجع أنهكت سكان المناطق الجبلية الممتدة وأنهت أنصاف أحلامهم باكرا، ضحايا الجغرافيا والفرز والإرهاب يقولون في كل تصريح إعلامي "نحن نعيش على الهامش، وإن نجونا من الموت فقرا نُقتل في الجبل غدرا بسبب الإرهاب !"
*برهان اليحياوي