اعتبر رئيس الجمهورية قيس سعيد، اليوم الثلاثاء 23 فيفري 2021، خلال كلمة القاها خلال جلسة نقاش مفتوح رفيع المستوى لمجلس الأمن، حول مجابهة المخاطر المرتبطة بالتغيرات المناخية على السلم والأمن الدوليين، إنّه" لمن المفارقات أن يكون الإنسان هو أوّل ضحايا التغيرات المناخيّة وهو المسؤول الأوّل عن هذه التغيرات وعن توسّع نقاطها و مع ذلك يبقى الأمل في الحدّ منها وتخفيف آثارها قائما إذا ما تمّ الإيمان من قبل الكافّة بقيمة العمل الجماعي والردّ الموحّد عن الأخطار المشتركة. فليس من حقّ الإنسان مهما كان موقعه أن يغتال نفسه بنفسه ويغتال معه الإنسانية جمعاء.
وأضاف:" إنّما ينجم عن هذه التغيرات المناخية من تعميق للفقر لدى الفئات الضعيفة ومن تهديد للأمن الغذائي والمائي في عديد المناطق من العالم وخاصّة في القارّة الإفريقية، من شأنه أن يعصف بالإمكانيّات الاقتصادية والاجتماعية للدّول ويحدّ، ترتيبا على ذلك، من قدرتها على احتواء التّداعيات الخطيرة النّاجمة عن مثل هذه الصعوبات والتصدّي لها. وما نعيشه اليوم من صور مأساويّة للوضع البيئي، يُنذر بما ستكون عليه الأوضاع في عدد متزايد من المناطق عبر العالم في ظلّ تفاقم عوامل الهشاشة البيئية ودورها في تعميق الأزمات وإطالة أمد النزاعات المسلّحة وخلق مناخ للتهميش والإقصاء وانتشار التنظيمات الإرهابية والتطرّف العنيف والجريمة المنظمة، بالإضافة إلى ارتفاع موجات الهجرة غير النظامية واحتدام الصراعات على منابع المياه ومصادر الغذاء.
وتابع:" أمام هذا الوضع الدقيق نجدد دعوتنا لمجلس الأمن من أجل مقاربة جديدة يتمّ إرساؤها، من أجل مقاربة شاملة لمعالجة أسباب هذه الأخطار البيئية قبل معالجة نتائجها. كما ندعو إلى توفير الدعم المادي اللازم للهيئات الأممية والدولية والإقليمية المتخصّصة لتمكينها من القيام بدورها في مواجهة هذه الأخطار عبر تطوير قدراتها التحليلية والتقييميّة والأخطار التي يمكن تجنّبها بإحداث آليات للإنذار المبكّر وضبط استراتيجيات وقائيّة وفعّالة. ولا أشكّ أبدًا في أنّنا قادرون على ذلك".
وأردف:" لقد أكّدت العديد من الكوارث الطبيعيّة والصحّية، وآخرها جائحة "كوفيد ـــ 19" هذه الجائحة التي لم تستثن أحدا، أكّدت مرّة أخرى أهميّة تعزيز التضامن الدولي بين شعوبنا، وأكّدت ضرورة التفكير في إعادة بناء منظوماتنا الاقتصادية والمالية والاجتماعية والصّحية، بشكل يُراعي احتياجات الطبيعة ويعمل على التقليص من التأثيرات المناخية وانبعاثات الغازات السامة. وهي قطعا مسؤولية نشترك فيها جميعا، تشترك كلّ الدول فيها شمالاً وجنوبًا، لكنها تتفاوت حسب مسؤولية كلّ طرف في التّسبب في هذه التغيرات المناخية. كما أنّ تنفيذ إجراءات التصدّي لهذه التغيرات لا يمكن أن يكون من جهة واحدة بل من الجميع ولا يمكن أن يكون على حساب الدّول النامية وحقّها المشروع في التنمية وفي الرّخاء وفي الازدهار".
وقال:" أودّ التأكيد على ما توليه تونس لقضايا البيئة من خلال إدراج تغيّر المناخ كأولويّة وطنيّة في نصّ دستورها، كما نجدّد التأكيد على التزام تونس بالعمل الدّولي من أجل معالجة هذه التهديدات المستجدّة للسلم والأمن الدوليين، ونؤكّد عزمنا الثّابت والراسخ في مواصلة الجهود للدفع باتجاه تطوير عمل مجلس الأمن في هذا المجال.
وختم كلمته بالقول:" إننا سنسعى من أجل أن تكون الأمم متحدة بالفعل، فلا يُعرّض الإنسان نفسه بنفسه للخطر بحثا عن ربح سيزول حين تُنسى حقوق الإنسان بل حين تُغتال هذه الحقوق شيئًا فشيئًا بفعل انتشار الغازات وتفشّي سمومها ولن تستثني هذه الغازات يومئذ أحداً".