ما حقيقة تفويت بلدية منوبة في قصر علي زروق للخواص؟

أثار تنظيم جلسة استثنائية للمجلس البلدي بمنوبة، مساء يوم الأربعاء، للنظر في وضعية قصر علي زروق المستغل حاليا من المدرسة الخاصة ابن الجزار المعروفة سابقا بمدرسة الاخوات بمنوبة" الباباصات"، وحديث بعض أعضاء المجلس عن نيّة التفويت في في القصر بالبيع، جدلا كبيرا على صفحات التواصل الاجتماعي واستنكارا كبيرا من المجتمع المدني والمهتمين بالتراث في الجهة.

وعبّر مواطنون وناشطون بالمجتمع المدني عن رفضهم التفويت في مثل هذه المعالم الأثرية الضاربة في التاريخ والتي تعدّ من القصور الاثرية التي لا تزال تحافظ على طابعها المعماري وبنيتها التحتية وبالامكان تهذيبها وترميمها والحفاظ على ديمومتها.

وأوضح رئيس بلدية منوبة سليم بن عمارة أنّه بمقترح من أعضاء المجلس البلدي تمّ تنظيم جلسة للنظر والتداول في وضعية القصر التي باتت تتطلب مراجعة جذرية، بعد أن طال استغلاله بمعاليم زهيدة لا تتماشى مع قيمته كمعلم أثري وتاريخي مستغل على وجه الكراء منذ 1980.

وأضاف أنّه تمّ خلال الجلسة وبحضور المجتمع المدني تسليط الضوء على وضعية القصر، وتدارس الحلول الممكنة، معتبرا أنّ قرار التفويت في المعلم التاريخي غير المصنّف، هو مقترح وقع تداوله مع المجتمع المدني ولم يحسم فيه بعد.

وأشار إلى أنّ إمكانية التفويت، بعد المصادقة والإجماع على القرار، لن تكون إلاّ بعد استكمال كافة الاجراءات القانونية اللازمة في الغرض والتنسيق مع المعهد الوطني للتراث إضافة إلى ضبط الإجراءات القانونية الكفيلة بالحفاظ على الطابع المعمري لهذا القصر غير المصنّف بمثال التهيئة العمرانية للمدينة وفق نفس المصدر.

يذكر أنّ مصالح البلدية أكّدت في بيان نشر على صفحتها الرسمية على شبكة التواصل الاجتماعي "الفايسبوك"، حرصها على المحافظة على المعالم الاثرية، وقيامها في أكتوبر المنقضي بالتنبيه على إدارة المدرسة الخاصة بعد إدخالها تغييرات على مستوى نافذتين بالطابق الاراضي وتغيير الخشب بنوافذ من الاليمنيوم دون استشارة صاحبة الملكية وهي البلدية، ودون موافقة المعهد الوطني للتراث.

من جهتها، أوضحت الباحثة وممثلة المعهد الوطني للتراث بمنوبة وجيدة السكوحي أنّه سيقع التوجّه إلى إصدار قرار حماية تحفظي للمعلم، باشراف وزير الثقافة، وذلك لحماية الطابع الاثري للمعلم المنصوص عليه في كافة جلسات تحيين مثال التهيئة العمرانية ببلدية منوبة التي شارك فيها ممثلو المعهد، كعقار ذي صبغة تاريخية.

واعتبرت أنّ المعلم وإن كان غير مرتّب هو ملك دولة وفي حماية أحد هياكل الدولة وهي البلدية وهي كغيرها من بلديات الجمهورية مؤتمنة على مثل هذه المعالم ومطالبة بتثمينها، مضيفة أنّه سيتم التنسيق مع بلدية منوبة للحصول على التوضيحات اللازمة في الغرض مع الحصول على كافة السندات من ملكية وتسجيل وغيرها والتباحث في وضعية القصر.

وذكرت أنّه تم منعها وزملائها من القيام بعمليات التفقد للمعلم كما هو معمول به، من قبل إدارة المدرسة المذكورة في السنوات العشر الأخيرة وتعذّر معاينة وضعية القصر وإمكانية تعرضه لتغييرات او اعتداءات .

وأوضح المدير العام للمعهد الوطني للتراث فوزي محفوظ صبيحة أنّ قرار الحماية التحفّظي يتّخذ لمدّة أربعة اشهر ثم يمدّد تباعا وهو لا يمنع صاحب الملكية وإن كان بلدية، من بيع ملكية المعلم، لكنّه يلزمه بالتنصيص على أمر حماية القصر والحفاظ على طبيعته الأثرية في عقد البيع وتعهد الشاري بعدم إدخال آية تغييرات عليه، إذ يمنع حتى وإن انتقلت الملكية لخواص، القيام بأية أشغال تهدف إلى ترميم القصر أو إصلاحه أو تغييره، أو إجراء بعض الإضافات فيها أو إعادة البناء فيه، دون الحصول على الترخيص المسبق كما يمنع هدمه كليا أو جزئيا ويمنع إقتطاع أجزاء منه.

يذكر أنّ القصر وفق المعطيات التاريخية المتوفرة، بنى حوالي عام 1860 على يدّ الجنرال رستم و ورثه صهره علي زروق ثم اصبح في فترة الاستعمار الفرنسي، ملكا للممثلة الفرنسية إيف لافاليير، خلال إقامتها الطويلة في تونس ووهبته إلى رئيس أساقفة تونس في عام 1923 لجعله مدرسة للفتيات "مدرسة هولست " والتي أصبحت بعد الاستقلال تعرف بمدرسة الأخوات "الباباصات".

وقد تمّ كراء القصر منذ 1980 لمدرسة خاصة، بمعلوم أولي بـ 360 دينارا في السنة، ثم وقع تحيين المعلوم في 1995 ليرتفع إلى 3500 الاف دينار وحيّن من جديد في 2012 وتضاعف ليبلغ 9771 الاف دينار، لكن ذلك ظل ذلك دون مستوى وقيمة القصر الذي قدرت شهادة خبير تقييم عقاري في 2012 معاليم كرائه بـ 120 الف دينار وفق معطيات بلدية منوبة.

 

(وات)