في ظل تهديد السيادة الوطنية: منصات وتطبيقات تونسية للتواصل..لم لا؟
تعالت الأصوات في الفترة الأخيرة في تونس من أجل التخلي عن استعمال منصات التواصل الاجتماعي وتطبيقات التواصل التي يستعملها التونسيون على غرار فايسبوك وتويتر وتيك توك وواتساب ماسنجر والتوجه نحو تطوير منصات تواصل تونسة وتطبيقات منظمة للاجتماعات عن بعد تونسية وذلك بهدف حماية السيادة الوطنية والمعطيات الشخصية للتونسيين.
حيث نصح رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية شوقي قداس في تصريحات إعلامية التونسيين بالتقليص من ماسنجر التطبيقة التابعة لموقع التواصل الاجتماعي فايسبوك وواتساب وحث في الوقت نفسه وزارة تكنولوجيا على مساندة مؤسسات وطنية ناشئة لتطوير منصة تواصل اجتماعي وطنية ومنظمة للاجتماعات عن بعد تونسية مستندا في ذلك على أن بيانات التونسيين متاحة لهذه الشركات في انتهاك واضح وصارخ للسيادة الوطنية.
معطيات التونسيين وبياناتهم مسألة خطيرة وتتجاوز الفرد
واعتبر شوقي قداس في حوار لموزاييك أن سيادة الشخص في معطياته الشخصية وتصرفه فيها مسألة تتجاوز الفرد خصوصا وأنها مسألة سيادة وطنية مبينا أن خروج معطيات الفرد واستحواذ لوبيات وحتى دول أجنبية عليها يمس من سيادة الدولة التونسية.
وبين قداس أن التونسيين يستعملون تقنيات وتطبيقات ومنصات ومواقع ينطبق عليها قوانين أجنبية بمعنى أن التونسي عندما يستعمل فايسبوك وماسنجر وواتسب على سبيل المثال بشكل مجاني يقدم معطياته الشخصية بصدد بيع نفسه لشركات بإمكانها تصنيفه ومن ثمة تبيعه لشركات ومؤسسات وحتى دول بهدف التحكم فيهم والتأثير عليهم من خلال فهم تحركاتهم من خلال تتبع بياناتهم على الانترنت .
وقال شوقي قداس إن التونسيين لا يعرفون بوجود قانون في الولايات المتحدة الأمريكية اسمه كلاود آكت ينص على أن المؤسسات الأمريكية التي بحوزتها معطيات شخصية لأجانب لا يمنع المؤسسات الرسمية الأمريكية حتى في صورة إيواء هذه المعطيات خارج التراب الأمريكي من التحصّل على هذه المعطيات دون إجراءات قضائية.
ماهو قانون كلاود آكت؟
و قانون كلاود آكت هو قانون فدرالي دخل حيز التنفيذ في 2018 كتحديث لقوانين خصوصية البيانات والمراقبة الحكومية ليعكس ممارسات صناعة الحوسبة السحابية. يأتي قانون كلاود كبديل لقانون الاتصالات المخزنة لعام 1986 للسماح بإنفاذ القانون الفدرالي لإجبار شركات التكنولوجية القائمة في الولايات المتحدة عن طريق مذكرة أو استدعاء لتقديم البيانات المطلوبة المخزنة على الخوادم، بغض النظر عما إذا كانت البيانات مخزنة في الولايات المتحدة أو على أراضي أجنبية. ويسمح قانون كلاود للمدعي العام الأمريكي بإبرام اتفاقات خاصة تجعل من الممكن للوكالات الأمنية الأمريكية وشركائها في الخارج الحصول على البيانات الشخصية للمستخدمين المخزنة في الخارج من دون أمر من المحكمة.
وعلى سبيل المثال بيّن قداس بأن وكالة الاستخبارات الأمريكية بإمكانها الحصول على كافة المراسلات البريدية لأي شخص أجنبي من شركة قوقل على سبيل المثال دون وجود إذن قضائي بذلك ودون أن تعلمه قوقل بذلك مشددا على أن هذا الأمر يمس من السيادة الوطنية.
وقال شوقي قداس إن وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وخروج البريطانيين من البريكسيت والتأثير في الانتخابات في البرازيل وغيرها من الدول يقف وراءه شركة خفية تختبئ خلف فايسبوك تحصلت على معطيات الأشخاص على منصات التواصل الاجتماعي بهدف تصنيفهم والتأثير عليهم للمشاركة في التصويت في الانتخابات لجهات معينة وهو ما يعتبر تدخلا في اتخاذ القرار السيادي للأشخاص والدول.
وأفاد في هذا الخصوص بأن فايسبوك بصدد التعرض لعقوبات منذ سنتين ونصف من قبل كافة الهياكل الحامية للمعطيات الشخصية في أوروبا فضلا عن معاقبتها من قبل الحكومة الأمريكية بعد تدخلها في الحياة الخاصة للأشخاص واستعمال معطياتهم الشخصية للمس من المسارات الديمقراطية في دول ديمقراطية.
مؤسسات سيادية تستعمل تطبيقات أمريكية للتواصل عن بعد
وأشار رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية إلى أن الحكومة وأعضاء البرلمان يستعملون للتواصل عن بعد تطبيقات على ملك شركة أمريكية هي مايكروسوفت وبالتالي يطبق عليها قانون الكلاود آكت مما يعرض سيادتنا الوطنية لإمكانية الانتهاك والاختراق من قبل هذه الشركة أو أي جهات لو أرادت الحصول على أي معطيات تهم أعضاء الحكومة والبرلمان.
وانتقد شوقي قداس عدم اتخاذ أي قرار في تطوير تطبيقات تونسية خالصة تحمي السيادة الوطنية مشددا على أن الأمر ممكن في ظل وجود كفاءات تونسية قادرة على ذلك.
وبين أن الإطار القانوني لهذه الشركات موجود في تونس وهو قانون الشركات الناشئة داعيا إلى تدعيمها وتشجيعها على إنشاء تطبيقات للتواصل على الانترنت والبحث على الواب وتطبيقات تواصل اجتماعي وعقد اجتماعات عن بعد مشددا على أن هذا الأمر ممكن لو توفرت الإرادة السياسية فقط حسب تعبيره.
تونس ليس لديها مقومات تكنولوجية الحفاظ على سيادتها
الصحفي المتخصص في تكنولوجيا الاتصالات محمد علي السويسي أفاد لموزاييك بأن تونس ليس لديها أي مقومات دولة بإمكانها الحفاظ على سيادتها على مستوى حماية المعطيات الشخصية وسرية المراسلات معتبرا الحديث على إنشاء تطبيقات تواصل وتخاطب بين التونسيين يتطلب بنية تحتية تكنولوجية ضخمة وتشجيعا من الدولة للشركات الناشئة في إطار الاقتصاد اللامادي.
وأشار السويسي إلى أن معطيات التونسيين وبيانتهم التي بحوزة مواقع التواصل الاجتماعي يتم تخزينها في مراكز خارج تونس في مستوى المعالجة مما يهدد السيادة الوطنية في مستوى حماية المعطيات الشخصية للتونسيين مشددا في هذا الصدد على ضرورة أن تكون جهود تونس في إطار تفاوضها مع الشركات الأمريكية بهدف حماية معطيات مواطنيها على مستوى إقليمي في إطار قوة ضغط سياسية على غرار ما قام به الاتحاد الأوربي الذي أجبر الشركات الأمريكية التكنولوجيا العملاقة على تخزين بيانات ومعطيات الأوروبيين على أرض دولة أوروبية حتى لا يتم اختراق سيادتهم الوطنية وانتهاكها من خلال تطويع هذه البيانات واستعمالها من جهات معينة.
وانتقد السويسي استعمال رئيس الحكومة هشام المشيشي لتطبيقة مايكروسوفت تيمز للتواصل عن بعد مع اعضاء الحكومة ضمن مجلس وزاري مؤخرا وبصدد الحديث عن معلومات ربما تكون سرية وتهدد سيادية تونس خصوصا وأن شركة مايكروسفت تخضع لقانون كلاود آكت.
ودعا في هذا الإطار إلى ضرورة فتح طلب عروض لفائدة الشركات التكنولوجية التونسية الناشئة التي تطوّر برمجيات للخارج من أجل بعث منصة تواصل وتخاطب في مرحلة أولى على الأقل لفائدة المؤسسات الرسمية والسيادية على غرار رئاسة الحكومة والبرلمان ورئاسة الجمهورية بإشراف الوكالة الوطنية للسلامة المعلوماتية ويتم مراقبتها حتى لا يتم اختراق مراسلات مراكز اخذ القرار .
كما أشار السويسي إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي التي يستخدمها التونسيون تؤثر بشكل مباشر في الشارع وفي الرأي العام وتوجهات المجتمع التونسي محذرا في الوقت نفسه من تواصل اعدام إطار تشريعي وقانوني ينظمها يوقف نزيف التجاوزات والمصائب والانتهاكات المتواصلة للمعطيات الشخصية والحياة الخاصة وأكد أن الدولة تتحمل مسؤوليتها وستدفع ثمن تفشي خطاب العنف والكراهية المتفشي في المجتمع التونسي بسبب سوء استخدام هذه المنصات.
كريم وناس