اقتصاد

10 سنوات من الثورة: عشر سنوات عجاف اقتصاديا

شغل .. حرية..كرامة وطنية، هو الشعار الأبرز للثورة التونسية، ولكن بعد 10 سنوات غاب الشغل الذي من خلاله تتحقق الكرامة. فتواصل انزلاق كل المؤشرات الاقتصادية نحو المناطق الخطرة أو نحو "الهاوية" حسب توصيف الخبراء فنسبة البطالة تتجاوز حاليا 16 بالمائة ونسبة الفقر تجاوزت 15 بالمائة.
 

منذ ثورة الكرامة تراجعت نسبة النمو من 3 بالمائة سنة 2010 إلى – 6 بالمائة (سلبي) خلال سنة 2020 ، ونفس الوضع بالنسبة إلى نسبة التضخم التي قفزت من 4.4 بالمائة خلال الثورة لتبلغ سنة 2018 أعلى نسبة منذ 1990 وهي 7.8 بالمائة وتستقر حاليا في 4.9 بالمائة.

 

تعطل الإنتاج ومؤتمرات دون جدوى
 

حصيلة اقتصادية كارثية لـ 10 سنوات انعكست على الوضع الاجتماعي المتأزم، حيث انكمشت عديد القطاعات وتعطلت شرايين الإنتاج بسبب تعطل العمل في مواطن خلق الثروة مثل الحوض المنجمي والحقول النفطية بسبب الاعتصامات والاحتجاجات.
 

وسعت كل الحكومات لايجاد حلول لدفع عجلة التنمية من خلال اللجوء إلى أصدقائها الدوليين حيث تم عقد عدة مؤتمرات أبرزها مؤتمر أصدقاء تونس في 2014 ومؤتمر دعم الاقتصاد والاستثمار تونس 2020 في سنة 2016 ولكن بقيت أغلبها دون آليات للمتابعة ودون نتائج قيّمة تذكر.

مديونية تهدد السيادة الوطنية
 

وتواصل التخبط فارتفع عجز الميزانية وتضخم حجم المديونية خاصة الخارجية فتجاوزت نسبة 70 بالمائة بما بات يهدد السيادة الوطنية. تراجعت نسب الاستثمار خاصة الأجنبي رغم مجلة الاستثمار الجديدة وتواصل تدهور سعر الدينار التونسي مقارنة بأهم العملات الأجنبية، حيث يبلغ سعر الأورو حاليا 3.3 دينار مقابل 1.8 دينار خلال سنة الثورة، ويبلغ سعر الدولار حاليا 2.7 دينار تونسي مقابل 1.2 خلال 2011.

وتعمقت الأزمة بعد انكماش بعض القطاعات خاصة قطاع السياحة الذي تهاوت ايراداته بـ 65 بالمائة بسبب العمليات الإرهابية والاغتيالات السياسية وتعطل الإصلاح الهيكلي للقطاع، كما عمق انتشار فيروس كورونا أزمته.

 

تونس في القائمة السوداء
 

وحاول المسؤولون الاستثمار في صورة تونس الثورة، بلد الديمقراطية الفتية بتنشيط الدبلوماسية الاقتصادية والمشاركة في أبرز المؤتمرات الاقتصادية العالمية كدافوس، ولكن تواصل تراجع تصنيف تونس نحو السلبي من قبل أبرز وكالات التصنيف العالمية كموديز وفيتش رايتنغ.  وفي 2017 تمّ ادراج  تونس في القائمة السوداء للدول ذات مخاطر تبييض الأموال وتمويل الإرهاب من قبل مجموعة العمل المالي وكذلك الاتحاد الأوروبي ولم تخرج منها إلا في أكتوبر 2019 وفي جوان 2020 بعد القيام بعدة إصلاحات خاصة على مستوى التشريعات.

 

كل ما سبق ذكره جعل الخبراء ينبهون من خطر الانهيار التام للاقتصاد، وأثر في قدرة تونس على القيام بمشاريع تنموية قادرة على خلق القيمة المضافة وتوفير مواطن شعل مما أجج الاحتجاجات،  وأثر أيضا في قدرة تونس على إقناع المستثمرين الأجانب بتونس كسوق اقتصادية واعدة و كذلك صعب إمكانية حصولها على قروض ميسرة من السوق المالية العالمية مما اضطرها إلى اللجوء إلى صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 2.9 مليار دولار بعد قبولها بشرط القيام بإصلاحات خاصة المتعلقة بالمؤسسات العمومية وبصندوق الدعم وبكتلة الأجور… ولكن رغم المحاولات البسيطة فكل الإصلاحات بقيت إلى الآن مجرد شعارات رفعتها كل الحكومات المتعاقبة.

 

منذ 2011 والكل متفق على تشخيص الأزمة الاقتصادية العميقة التي تعيشها تونس، ولكن غاب الاتفاق على الحلول خاصة في ظل عدم الاستقرار السياسي وخاصة الحكومي وفي ظل وضع اقتصادي عالمي متذبذب، فهل يمكن أن يأتي الحوار الوطني المرتقب الذي اقترحه الاتحاد العام التونسي للشغل بالحل أم ستتواصل السنوات العجاف.

 

* أميرة محمد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock