10 سنوات من الثورة: أزمة اجتماعية تتفاقم ومحاولات إصلاح تتعثّر
مثلت المسألة الاجتماعية محورا أساسيا من المحاور التي قامت عليها ثورة 14 جانفي 2011 فكان العمل مباشرة بعد سقوط النظام على إصلاح عدد من القوانين التي مثلت اعتداء على حق الإنسان في العمل في ظروف محترمة.
إلغاء المناولة و التشغيل الهش…
البداية كانت يوم 22 أفريل 2011 بإمضاء محضر اتفاق إلغاء العمل بالمناولة في القطاع العام بصفة رسمية و هو اتفاق تاريخي بين الإتحاد العام التونسي الشغل ووزارة الشؤون الاجتماعية والوزارة الأولى أنهى معاناة أكثر من 140 ألف من عمال وعاملات المناولة في القطاع العام.
لمجابهة تفاقم البطالة في صفوف خريجي الجامعات اختار النظام السابق حلولا وصفها الشباب بالترقيعية ألغيت سنة 2013 اثر مفاوضات بين الحكومة و الاتحاد العام التونسي للشغل و انطلاق التفاوض بشأن تسوية الوضعيات .
فكانت البداية بتسوية المنتفعين بالتربصات في أشغال ذات مصلحة عامة الآلية 16 سنة 2015 ثم تسوية وضعية العاملين في إطار الآلية 20 سنة 2018 و انتهت باتفاق وصف بالتاريخي في أكتوبر 2020 بين الحكومة والاتحاد العام التونسي الشغل يقضي بتسوية ملف عمال الحضائر وانتداب 31 ألفا منهم بالوظيفة العمومية .
العقد الاجتماعي و 5+ 5
و نظرا لتفاقم المشاكل في جل القطاعات و التي تؤثر بشكل مباشر على المناخ السياسي و الوضع الاقتصادي اهتدت الأطراف الاجتماعية و الحكومة إلى فكرة مأسسة الحوار الاجتماعي فتم يوم 14 جانفي 2013 إمضاء العقد الاجتماعي بين الحكومة و الاتحاد العام التونسي للشغل و اتحاد الصناعة و التجارة و الصناعات التقليدية، مؤسسة لم تر النور بعد رغم إنهاء كل الخطوات القانونية و منذ 2018 و عقد الجلسة التأسيسية للمجلس الوطني للحوار الاجتماعي الذي انضاف اليه الاتحاد التونسي للفلاحة و الصيد البحري. كما تم تكوين لجنة تفاوض أطلق عليها اسم 5+5 تمثل الحكومة و الأطراف الاجتماعية تنظر في مختلف الملفات الاجتماعية و تسعى الى التوافق بشأنها.
توحيد الأجر الأدنى الصناعي و الفلاحي و ارتفاع الأجر الأدنى عموما..
تواصل الحوار بشكل مستمر بين الأطراف الاجتماعية و الحكومة بخصوص ملفات كبرى رغم الزخم المطلبي الذي شهدته السنوات الأولى للثورة و كانت النتيجة إقرار الزيادة في الأجر الأدنى الصناعي سنة 2012 ثم الزيادة في الأجر الأدنى الفلاحي إلى أن تم توحيد الأجر الأدنى في القطاعين سنة 2013 بعد أن كان الأجر الأدنى الفلاحي منخفضا مقارنة بالصناعي تلاها الترفيع في الأجر الأدنى المضمون لمختلف المهن في مناسبتين الأولى سنة 2017 و آخرها ديسمبر2020 بزيادة عامة قدرها 6.5 بالمائة.
مفاوضات مستمرة…
خلال شهر جويلية 2011 تم بقصر الحكومة بالقصبة إمضاء الاتفاق حول الزيادة في الأجور في القطاعين العام والخاص بحضور الوزير الأول في الحكومة الانتقالية الباجي قائد السبسي وعدد من أعضاء الحكومة وممثلين عن المنظمات المهنية يتقدمهم الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل ورئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية .
تلتها زيادات أخرى في الأجور في الوظيفة العمومية و القطاع العام تقريبا بشكل سنوي اثر المفاوضات الاجتماعية الدورية بين الاتحاد العام التونسي للشغل و الحكومات المتعاقبة إضافة إلى المفاوضات بين الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الصناعة و التجارة والصناعات التقليدية التي كانت تتعثر من حين الى آخر لكنها نجحت في عدة مناسبات منها نوفمبر 2012 و مارس 2017 و سبتمبر 2019.
رغم كل الجلسات و الاتفاقات و المؤسسات لم تخل عشرية الثورة من الاحتجاجات بكل أصنافها من اضرابات قطاعية و جهوية و اعتصامات و وقفات احتجاجية و إيقاف للعمل بمؤسسات كبرى أبرزها تلك المنتجة للفسفاط و المحروقات يطالب من خلالها المحتجون في أغلبها بالتنمية الجهوية والتشغيل الأمر الذي دفع الحكومات إلى أمضاء اتفاقيات أشهرها اتفاق الكامور ..اتفاقيات لازالت تتلمس طريق تطبيقها في ظل الأزمة الاقتصادية .
* سيدة الهمامي