تحقيقا لحلم الطفولة.. شاب تونسيّ يحوّل شاحنة صدئة إلى ''جنة'' متنقّلة (صور)
احتجت سيارة تاكسي لتقلّني بسرعة إلى مكان عملي، وفي وقت الذروة، حين يصبح العثور على وسيلة نقل مهمة شبه مستحيلة. لمحت السيارة مركونة قرب الرصيف، توجّهت بلا تردد إلى سائقها وقلت له عن وجهتي -غير البعيدة للأسف- وذكرت له أني على عجل شديد وأنه بنقلي ''سينقذ مستقبلي''.. لم يتردد كثيرا وطلب مني الصعود. وفي الطريق القصيرة، عرِف مهنتي فحدّثني مباشرة عن نفسه، لم يكن سائق تاكسي فحسب..
لأكثر من سنتين، عمل الشاب محمد كوكي لوحده وبإصرار، على تحقيق حلمه رغم إمكانياته شبه المنعدمة، سلاحه في ذلك حبّه لما يفعل. وفعلا، تحوّلت الشاحنة العجوز التي يملكها من كومة حديدة قد يطالها الإهمال والنسيان، إلى بيت صغير جميل ومتنقل، لا يقل في شيء عن المنازل المتنقلة التي تصنعها أكبر الشركات الأجنبية وتباع بأغلى الأثمان.
وفي حديثه المتقد حماسة، روى محمد كيف عمل على تغيير الشاحنة وتحويلها إلى بيت متنقل منذ خامرته الفكرة في 2016، واعتمد في ذلك على إمكانياته الخاصة، وتعلّم الديكور والتزويق والتركيب بشكل عصامي، فلا هو مجاله ولم يشأ أن يعتمد في ذلك على مختصّين.
وفعلا، شيء فشيء، تحوّلت الشاحنة الصدئة إلى منزل جميل دافئ، مزيّن بطريقة فريدة، وصار للشاحنة إسم ''Camper fawdha Tunisia'' وصفحة على فايسبوك ومتابعون لرحلاتها ومغامراتها.
محمد يؤكد أن هذا المشروع ليس ربحيا، وأنه قام بتحويل الشاحنة حتى يُحقق حلما طفوليا قديما: ''أن يتنقّل أين يشاء في الطبيعة.. وينام أين يداهمه الليل''.. فقط لا غير. ووجد مشروع الشاب الثلاثيني الذي أنجزه أثناء أوقات فراغه، رواجا عند محبي التخييم واكتشاف الطبيعة، كما شاركت الشاحنة الجميلة في تصوير ''فيديو كليب'' لأكثر من فنان تونسي، كما شاركت في مهرجانات ثقافية وتظاهرات لدعم السياحة الداخلية..
ويطمح محمد اليوم، إلى شراء شاحنة جديدة وإلى تحويلها أيضا إلى بيت متنقّل. كما يعمل على مشروع جديد، قد يتحوّل به من ''الفوضى'' إلى ''الفوضويات''.. لأن لحلمه بقية.
نعم في تونس، ما يزال الحلم ممكنا، وما يزال تحقيقه غير مستحيل رغم كل شيء.
أمل