في حادثة اغتيال الشهيد عقبة الذيبي، مساء اليوم الأحد 20 ديسمبر 2020، لم تتشابه الواقعة مع حوادث إرهابية سابقة في طريقة تنفيذ الاغتيال فحسب، بل تطابقت إلى حد كبير مع حادثتي اغتيال الشهيدين مبروك وخليفة السلطاني، فهؤلاء الشهداء ليسوا من الطبقة الاجتماعية نفسها الذين دفعتهم الجغرافيا إلى الرعي بجبل مغيلة أو السلوم لاستغلال العمل للوحيد الممكن للعيش على ما توفر لهم في هذا المحيط الذي جعلهم في خط النار مع الإرهاب فحسب، بل حملوا حتى اسم المنطقة نفسها. "السلاطنية" التي شيعت جثماني الشهيدين السلطاني ليست نفسها التي ستشيع غدا جثمان الذيبي، رغم تشابه ما وقع فيهما من ملاحم وطنية اختار فيها الشهداء جبهة الوطن ضد أعدائه الدواعش الذين استوطنوا جبلي السلوم ومغيلة وانتهكوا حرمة سكان السلاطنيتين.
وإن تم إلقاء القبض أو القضاء على جل منفذي جريمتي اغتيال الأخوين السلطاني، فإن فلول جماعات "داعش" الإرهابي بجبلي مغيلة والسلوم واصلت استهداف السكان الوطنيين العزل من الذين لم ينصاغوا إلى ابتزازهم أو تهديداتهم.
تشابهت أيضا مطالب متساكني السلاطنيتين في تصريحاتهم لموزاييك التي واكبت هذه الأحداث بين سنتي 2015 و 2020، وتمحورت حول أبسط ضروريات الحياة: ماء صالح للشرب يوفر عنهم عناء اقتناء صهاريج الماء، طرقات لائقة توفر عليهم التنقل على أظهرة الدواب، وحياة كريمة وآمنة في جبل هو في الأصل جبلهم.
بين سلاطنية جبل مغيلة وسلاطنية جبل السلوم مسافة تقاس بعشرات الكيلومترات، طريق وطن معبدة بدماء شهداء مدنيين عزّل، انتموا إلى وطنهم وماتوا من أجله، رغم تنكر المسؤولين عنه لمطالب سكان خطوط النار هذه في حياة تشبه الحياة.
برهان اليحياوي.