أنهى رئيس الحكومة هشام المشيشي والوفد المرافق له زيارة عمل لفرنسا امتدّت على ثلاثة أيّام من 13 إلى 15 ديسمبر 2020، استجابة لدعوة من نظيره الوزير الأوّل الفرنسي جون كاستكس.
وجاء في بيان نشرته رئاسة الحكومة اليوم 17 ديسمبر 2020:
تأتي هذه الزيارة تأكيدا للطابع الاستثنائي والاستراتيجي للعلاقات التونسية الفرنسية ولتعميق التشاور والتنسيق بخصوص المسائل التي سيتم التباحث بشأنها بمناسبة الدورة الثالثة للمجلس الأعلى للتعاون التونسي الفرنسي المبرمج عقدها بتونس في مارس سنة 2021، وتبادل وجهات النظر حول بعض المسائل ذات الاهتمام المشترك وآخر المستجدات على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وقد تميّزت هذه الزيارة بثراء المحادثات الّتي جمعت رئيس الحكومة مع نظيره الفرنسي، ومع كلّ من رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جيرار لارشي ورئيس الجمعية الوطنية الفرنسية ريشار فيران، والوزير الأول الأسبق، جون بيار رفران الذي يرأس منظمة "قادة من أجل السلام"، فضلا عن لقاء رئيس منظّمة الأعراف الفرنسية .
وقد تناولت المحادثات بين رئيس الحكومة والوزير الأول الفرنسي المستوى المتميّز الذي بلَغتهُ العلاقات الثنائية، والديناميكية الايجابية التي يتعيّن إعطاؤها لهذه العلاقات في الفترة القادمة بما سيساهم في مزيد ترسيخ الروابط التاريخية العريقة والمتينة بين البلدين، وفي تكريس الإرادة المشتركة الّتي تحدو الطرفين للارتقاء بهذه العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية.
كما مثّلت هذه المحادثات فرصة للتأكيد على ضرورة تطوير العلاقات بين البلدين بالإعتماد على مفهوم "التعاون المتضامن".
وتطرّق الجانبان إلى أهمية تطوير التعاون الاقتصادي عبر مضاعفة الاستثمارات الفرنسية بتونس لمساعدتها على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية ورفع كلّ العراقيل قصد إتمام إنجاز مشاريع التعاون الثنائية العالقة (مستشفى متعدد الاختصاصات بقفصة، مستشفى صحي بسيدي بوزيد، مشروع الجامعة الفرنسية التونسية لإفريقيا والمتوسّط…)
كما مثّل موضوع الهجرة والتنمية المتضامنة أحد أبرز المسائل التي تمّ التطرّق إليها، حيث أكّد رئيس الحكومة على أنّ الهجرة المنظّمة تمثّل فرصة حقيقية للبلدين لمزيد تعميق الروابط التاريخية بينها، فضلا عن دورها في تحقيق تنمية مشتركة، مذكّرا بدور الجالية التونسية ومساهمتها الفاعلة في عديد القطاعات الاقتصادية الفرنسية.
وشدّد رئيس الحكومة في هذا المجال على الأهميّة التي توليها بلادنا للإحاطة بأبنائها الراغبين في الهجرة قصد تحسين ظروفهم الاقتصادية وأبناء الجالية التونسيّة المقيمة بفرنسا، مؤكّدا على ضرورة تطوير الاتفاقية الثنائيّة حول التصرف التوافقي للهجرة والتنمية المتضامنة الموقعة سنة 2008 بما يستجيب لرهانات المرحلة وتطلعات فئات هامة من التونسيين والفرنسيين بحيث تشكّل الهجرة عنصر إثراء للجانبين.
وأكّد رئيس الحكومة على ضرورة اعتماد مقاربة تنموية ومتضامنة في معالجة الهجرة غير النظامية التي تتسبّب في الكثير من المعاناة الاجتماعية والاقتصادية فضلا إلى إمكانية ارتباطها بالجريمة المنظمة والاتّجار بالبشر ومخاطر تسلّل بعض العناصر الإرهابية في مسالكها، وذلك بمعالجة أسبابها العميقة والمرتبطة أساسا بالتنمية وتوفير فرص العمل والأمل في غد أفضل، وعدم الإقتصار على الحلول الأمنية.
من جهته، أكّد الوزير الأوّل الفرنسي على دعم فرنسا لتونس في كلّ مجالات التّعاون مع الإتّحاد الأوروبي وخاصّة منها الاقتصادي والمالي.
وقد مثّلت هذه الزيارة كذلك فرصة لرئيس الحكومة لعقد لقاءات مع رئيسي مجلس الشيوخ الفرنسي ورئيس الجمعية الوطنية، أبرز خلالها التوجّهات التي تعتزم الحكومة انتهاجها في المجالات التنموية والاجتماعية والتربوية والثقافية والأمنية.
كما التقى رئيس الحكومة رئيس منظمة الأعراف الفرنسية السيّد جوفروا رو دوبازيي ومجموعة من الفاعلين الإقتصاديين بحضور ممثلي الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية حيث تمّ التطرق إلى آفاق وآليات تطوير الاستثمارات الفرنسية ببلادنا.
من جهة أخرى، التقى رئيس الحكومة بعدد من أفراد الجالية التونسية المقيمة بفرنسا والتي تنشط في قطاعات مختلفة. وقد مثّل هذا اللّقاء مناسبة أبرز فيها توجّهات الحكومة وأولوياتها بالنسبة للفترة المقبلة وجملة الإصلاحات التي يتعين القيام بها، مبيّنا أن الحاجة تبدو متأكّدة حتى تساهم كل فئة مجتمعية ومهنية من موقعها في معاضدة جهود التنمية والنهوض بالقطاعات الواعدة في تونس والاستفادة من الخبرات التي يمكن أن تقدّمها الكفاءات التونسية في مختلف المجالات، لا سيّما الصحة وتكنولوجيات الاتصال والمعلومات والاستثمار المشترك والإعلام وتثمين التراث الثقافي التونسي.
وأكّد رئيس الحكومة خلال هذا اللّقاء أنّه سيتمّ مراجعة المعاليم القنصلية في الاتّجاه الذّي يخدم مصالح الجالية. وأذن بإحداث منصّة تواصل (Plateforme) بين هذه الكفاءات والحكومة، تشكّل السفارة همزة وصل بينها.
كما دعا خلال لقائه برؤساء البعثات القنصلية المعتمدين بفرنسا ورؤساء هياكل الدعم التونسيّة إلى مزيد العمل على الاحاطة بمشاغل الجالية معلنا عن العمل على مراجعة الخارطة القنصلية لضمان مزيد القرب من أبناء تونس بالخارج.
هذا وتولّى رئيس الحكومة على هامش زيارته لباريس تدشين جناح "الحبيب بورقيبة" بدار تونس. وشكّل موكب التدشين حدثا متميّزا، أبرز خلاله رئيس الحكومة ما توليه تونس منذ الاستقلال من أهمية لأبنائها من الطّلبة الذّين يدرسون بفرنسا والذّين يمثّلون رافدا أساسيا في التنمية والتواصل الحضاري بين الشّعوب، وفق نصّ البلاغ.