انتبه.. مصعد أو جرّافة أو منشأة ما قد تنهي الحكاية…

لا زالت كلمات أم شهيد الواجب الطبيب بدر الدين علوي، وهي تستقبل نبأ وفاة ابنها الجراح في قبو المصعد الذي كان من المفروض أن يساعده على عناء مستشفيات عمومية غارقة في مشاكل مركبة، تلعلع في سماء مدينة  القصرين التي تعودت الفواجع. استحضرت وهي تستقبل جثمان ابنها الذي كان يستعد للزواج حادثة وفاة زوجها تحت أنقاض مقطع حجارة عمل به منذ أكثر من عشرين سنة. لتزفه قبل موعد زواجه شهيدا لوطن أنهكته الفواجع التكررة الناجمة عن التقصير  أو الإهمال، ولتعلن في تصريحا لموزاييك أنها قدمت أغلى ما تملك لوطن ساهمت مؤسساته في إعدام حلمها.

سنة واحدة بعد رحيل مهى القضقاضي في مجرى واد بمعتمدية فرنانة من ولاية جندوبة وأشهر قليلة عقب وفاة فرح في بالوعة البحر   الأزرق، وأسابيع إثر هدم كشك عبد الرزاق الخشناوي فوق رأسه وأيام بعد مصرع ابنة النفيضة في منشأة مائية، هز خبر رحيل شهيد مستشفى جندوبة الرأي العام لينضاف إلى سجل حوادث كثيرة ناتجة بصفة مباشرة عن الإهمال.

وإن اكتفى رئيس الحكومة في كلمته المقتضبة لوسائل الإعلام من منزل الفقيد الدكتور العلوي بالتنديد بوضع المستشفيات العمومية، فإن آراء كثيرة أكدت أن سياسة التفصي من العقاب وغياب قيمة العمل وضعف هياكل المراقبة، هي الأسباب الأساسية لتكرر هذه المآسي التي باتت خبزا يوميا للتونسيين.

فاجعة تلتها إقالات وإيقافات صلب وزارة الصحة وفي صفوف المسؤولين عن الصيانة في انتظار استكمال الأبحاث القضائية والإدارية التي ستحدد المسؤول عنها، لكنها قد تطرح جدلا في مسألة مجتمعية أعمق تتمحور حول أهمية وضع حياة الإنسان على سلم الاهتمامات وبها ستتغير مهام المسؤول من عون المطافئ الذي يجاري الكوارث إلى صاحب المشروع الإصلاحي الهيكلي حتى لا ينهي  المصعد أو البالوعة أحلام الناس قبل بداياتها، ولكي "لا يعيد التاريخ نفسه في شكل مأساة أو مهزلة".

برهان اليحياوي.