رأى كتاب الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" النور يوم أمس 17 نوفمبر 2020، تحت عنوان "أرض الميعاد"، وهو مؤلف من 890 صفحة، وعبارة عن مذاكرات يعود فيها أوباما على السنوات الثماني التي قضاها في البيت الأبيض (2009/2017).
وكشف فيه أوباما، بصفة حصرية، تفاصيل الربيع العربي بما في ذلك الثورة التونسية، نافيا بشكل ضمني ما راج حول تدخل بلاده في كواليس الأحداث في تونس، ومؤكدا تفاجؤ الإدارة الأمريكية بما حصل في البلاد.
وحسب ما أفاد به المحلل إياد الدهماني في برنامج أحلى صباح، استهل أوباما حديثه عن تونس بمحمد البوعزيزي، واصفا إياه بـ "بائع فواكه أضرم النّار في جسده في سيدي بوزيد… وكان ذلك احتجاجا منه على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي يعيشها، وتعبيرا منه عن غضبه من حكومة يعرف أنّها فاسدة وغير مبالية باحتياجاته".
وأضاف: "أثارت معاناة بائع الفاكهة احتجاجات ضدّ الحكومة التونسية في جميع أنحاء البلاد. وفي 14 جانفي 2011 فرّ بن علي مع أسرته إلى المملكة العربية السعودية وفي الوقت نفسه وُلدت حركات مماثلة يقودها الشباب بشكل أساسي في كل من الجزائر واليمن والأردن وعمان.. وهي البراعم الأولى لما أصبح يسمى الربيع العربي".
وكتب أوباما، حسب ما أوضحه الدهماني، أنّه كان حائرا إيزاء ما سيقوله حول ما يقع في تونس، خلال خطاب "حالة الاتحاد" الذي ألقاه بتاريخ 25 جانفي 2011، حول ما يحصل في تونس، وقال حينها أوباما: "الليلة أريد أن أقولها بوضوح: الولايات المتحدة الأمريكية تقف إلى جانب الشعب التونسي وتدعم تطلعات جميع الشعوب إلى الديمقراطية".
تجدر الإشارة إلى أنّ خطاب "حالة الاتحاد" هو خطاب يلقيه رئيس الولايات المتحدة الأمريكية أمام جلسة مشتركة للكونغرس الأمريكي.
تفاصيل ثورة 25 جانفي المصرية
في المقابل تحدّث أوباما عن التدخل الأمريكي في مصر، قائلا إنّ "الحكومة الأمريكية وجدت نفسها ممزقة بين حليف استبدادي ولكن يمكن الاعتماد عليه (حسني مبارك) وبين شعب يسعى إلى التغيير".
واعتبر أوباما أنّ ما يثير القلق في تلك الفترة هو أنّ مبارك لم يكن واعيا بحجم الانتفاضة المستمرة، وفي اتصال هاتفي جمعه به قال : " لقد كان ملتزما ومتجاوبا عندما سعينا لإعادة الإسرائيليين والفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات…". ولكن عندما طرح عليه إمكانية امتداد الاحتجاجات التي بدأت في تونس إلى مصر، أجاب مبارك أنّ: "مصر ليست تونس".
وهذا ما جعل أوباما يقول إنّ حسني مبارك كان معزولا، يرى فقط ما يرد أن يراه ويسمع فقط ما يريد أن يسمعه وهذا لم يكن يبشر بأي خير، وفق قوله.
وفي تفاصيل الرواية، قال أوباما ''لو كنت مصريا في العشرين من عمري لكنت مع المحتجين في ميدان التحرير، لكنني لست مصريا ولم يعد عمري عشرين سنة، لقد كنت رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وكان عليّ أن أضع في الاعتبار أنّ حتّى الأساتذة الجامعيين ونشطاء الحقوق الأساسية وأعضاء أحزاب المعارضة والنقابيين الذين كانوا في خطّ المواجهة لم يكونوا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من السكان المصريين''.
وأضاف أنّه اتصل بحسني مبارك، الذي كان يتحدث معه باللغة الانجليزية، وأكّد له أنّه يجب أن يقوم بإصلاحات وأن يتخذ قرارات عاجلة ويعلن عدم ترشحه في الانتخابات المقبلة. وتابع أنّ هناك قوتين في مصر فقط وهما الجيش والإخوان المسلمون، لذلك كان ''الحذر'' هو موقف الولايات المتحدة الأمريكية في البداية.
هل لعبت "هيلاري كلينتون" دورا في الربيع العربي؟
كما تحدث أوباما عن موقف وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة "هيلاري كلينتون" التي أكد أنه لم يكن لها أي علاقة بإسقاط نظام زين العابدين بن علي، وكانت غايتها الأساسية الحفاظ على الاستقرار في المنطقة وعدم تغيير الأنظمة، نافيا بذلك صحّة الرسائل الالكترونية التي تبادلتها هيلاري كلينتون مع فريقها يوم 14 جانفي 2011.
موقف القيادة في المنطقة من الربيع العربي
وذكر أوباما أنّ اتصالا هاتفيا ورده من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الذي أكّد خلاله أنّه يجب المحافظة على استقرار مصر.
وأضاف أنّ ملك السعودية عبد الله بن عبد آل سعود أعلمه بأنّ هناك أربعة أطراف تقف خلف ما يحدث في مصر وهم الإخوان المسلمون وإيران وحزب الله وحماس، لكنّ أوباما اعتبر أنّ ذلك غير صحيح.
كما ذكر مكالمة هاتفية جمعته بولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، واصفا إياه بـ''الشاب المتطور القريب من السعودية وربما أحد أكثر الحكام مهارة في الخليج''، وتابع: "لقد أخبرني بن زايد أنّ التصريحات الأمريكية بشأن مصر يتم متابعتها على نطاق واسع في الخليج وتسبب قلقا متزايدا… ماذا لو اندلعت احتجاجات في البحرين، هل ستكون ردّة الفعل الأمريكية نفسها".