تنامت في السنوات الاخيرة ظاهرة استعمال قوارير الغاز المسال المنزلي في غير الأغراض المخصصة لها لتستغل في الأنشطة الصناعية والفلاحية والمطاعم وحتى كوقود للسيارات نظرا لسعرها المدعم.
ووفق تقديرات وزارة الصناعة والطاقة والمناجم فان خمس (1/5) استهلاك قوارير الغاز تستعمل في غير مجالها، أي ما يمثل نحو 100 مليون دينار على قاعدة أن الدعم بلغ في 2019 حوالي 650 مليون دينار.
وتبين الوزارة أن جزءا هاما من هذا المبلغ يتعلق بعمليات تحويل الدعم للغاز المسال المنزلي من طرف قطاعات اخرى والجزء الآخر يتعلق باستبدال الاستهلاك بالغاز الطبيعي او بالطاقة الشمسية.
وكشف مدير تكرير ونقل وتوزيع المحروقات بوزارة الصناعة والطاقة والمناجم، عفيف المبروكي، في حوار مع وكالة تونس افريقيا للأنباء "وات"، انه لئن كان استعمال قوارير الغاز المسال موجه، أساسا، إلى الاستعمال المنزلي فان هناك عدة ظواهر سلبية تطورت في السنوات الأخيرة وباتت ملفتة للانتباه وتبعث على الانشغال.
وأوضح انه من المفروض أن يستقر استهلاك الغاز المسال من منطلق استكمال عدة مشاريع في مجال تطوير الغاز الطبيعي وأخرى بصدد الانجاز لمزيد إيصال الغاز الطبيعي إلى المنازل علاوة على مشاريع أخرى تدعمها الدولة على غرار مشروع تركيز اللاقطات الشمسية لتسخين المياه.
وتابع بالقول "من المفروض أن يكون لذلك انعكاس على استقرار استهلاك الغاز المسال غير انه ارتفع بشكل لافت في العشرية الأخيرة (منذ 2011) بزيادة تتراوح بين 10 و15 بالمائة.
وبرّر الارتفاع في استهلاك قوارير الغاز المسال والمنزلي بتحويل قوارير الغاز إلى فئات وقطاعات لا تستحقه او غير معنية به في الأصل، موضحا أن بعض المنتجين في قطاعات الفلاحة والصناعة والخدمات أضحوا يقتنون كميات كبيرة من قوارير الغاز المسال المدعم لأغراض إنتاجية وصناعية والحال أن القوارير موجهة أساسا نحو الاستعمال المنزلي فقط.
24 دينارا السعر الحقيقي لقارورة الغاز المنزلي
وتنتج تونس سنويا، نحو 100 ألف طن غاز مسال وتورد زهاء 500 ألف طن. وأكد ان أسعار البيع الداخلية لا تغطي سوى 20 بالمائة من الكلفة، أي أن دعم هذه قوارير الغاز المنزلي في حدود 80 بالمائة لتبلغ كلفة الدعم زهاء 650 م د في العام الفارط.
وتباع القارورة في السوق 7 دنانير و700 مليم ويقع دعمها من الدولة بحوالي 16 دينار و500 مليم أي ان سعرها الحقيقي وبالأسعار العالمية في حدود 24 دينارا.
ويمثّل الغاز المسال المخصص للاستعمال المنزلي حوالي 20 بالمائة من الاستهلاك الوطني للمحروقات أي زهاء 600 ألف طن في السنة.
وأكد المتحدّث أنّ استعمال قوارير الغاز موجه، أساسا، للاستعمال المنزلي للتدفئة وللطبخ وتسخين المياه خاصة في فصل الشتاء وأصبح مادة حساسة للمواطن لا يمكن الاستغناء عنها في بعض المناطق من البلاد لافتا الى انها باتت في حال فقدانها في السوق، تخلق نوعا من الضغط الاجتماعي في هذه المناطق.
وشدد على أن الدولة تحرص على توفير قوارير الغاز المسال خاصة للطبقات الاجتماعية المتوسطة وذات الدخل الضعيف من خلال وضع الإمكانيات لتحمل تكاليف التوريد في الشتاء.
استعمال غير قانوني
وأفاد المسؤول بوزارة الصناعة، انه منذ سنة 2000 تم التفريق بين استعمال الغاز المسال المنزلي بترويج قوارير ذات سعة 13 كلغ بسعر مدعم وآخر مخصص للاستعمال الصناعي والخدمات ويعرف أساسا بالغاز الصناعي يروج سائب أو في حاويات بسعة 25 و35 كلغ بسعر ارفع من القوارير المخصصة للاستعمال المنزلي.
غير انه تمت ملاحظة تعمّد بعض الفئات على غرار سواق سيارات الأجرة، إلى شراء قوارير الغاز المنزلي واستعمالها كبديل للوقود وكذلك فيما يقتني أصحاب المطاعم عدة قوارير غاز مسال لاستعمالها وكذلك بعض المنتجين في المجال الفلاحي (أصحاب المداجن) والصناعيين الذين يقتنون كميات كبيرة من هذه القوارير لاستعمالها في أغراض غير المنزلية، وهو ما يعد خرقا لمنظومة الدعم الذي احدث لفائدة العائلات.
وشدد المبروكي على أن هذه الفئات تلتجئ إلى قوارير الغاز المنزلية نظرا لسعرها المتدني والمدعم (7،7 د للقارورة الواحدة) بدل الغاز المسال الصناعي الذي يعد سعره غير مدعم تقريبا.
ولاحظ أن هذه الوضعية خلقت في السنوات الأخيرة ضغطا على مادة القوارير الغاز المسال الموجهة للاستعمال المنزلي إلى حد فقدانها في السوق نتيجة المضاربة عليها من فئات وقطاعات غير معنية بها قانويا وأخلاقيا.
تعديل أسعار قوارير الغاز المنزلي غير مطروح
أظهر مشروع ميزانية تونس في سنة 2021 ضمن محور الدعم، ان حاجيات التمويل الضرورية لتوازن منظومة المحروقات والكهرباء والغاز تقدر بـ 501 م د. ويقترح مشروع الميزانية لتمويل هذه الحاجيات رصد 100 م د لترشيد استهلاك قوارير الغاز المنزلي وإصلاح مسالك توزيعه.
وعما إذا كانت مسالة ترشيد الاستهلاك ستحيل آليا إلى امكانية الترفيع في اسعار قوارير الغاز المنزلي، أكد مدير تكرير ونقل وتوزيع المحروقات بوزارة الصناعة، أن الدولة ستعمل على ترشيد الدعم في مادة الغاز المسال أو المنزلي ليس بتعديل الأسعار بالزيادة بل بتوجيه الدعم فعليا نحو مستحقيه فعليا وتنفيذ خطة محكمة في هذا الاتجاه.
ويكلّف استعمال قوارير الغاز المنزلي في غير الوجهة المنزلية المخصص لها، المجموعة الوطنية خسائر كبيرة ويستنزف مزيد الاستثمارات. كما يتسبب في اضطراب السوق ونقص في هذه المادة الحساسة والضرورية لحاجة المواطنين.
استراتيجية لتطويق الظاهرة تحويل الغاز المنزلي في غير محله
وكشف المسؤول عن وجود مشروع لتحيين الإطار الترتيبي لمراقبة مسالك توزيع الغاز المسال من أجل رصد المخالفات والتجاوزات الحاصلة مع إمكانية تسليط العقوبات والخطايا على المخالفين.
وأشار إلى أن الإطار الترتيبي بصدد الإعداد وان هناك العديد من الوزارات معنية مباشرة به على غرار التجارة(المراقبة الاقتصادية) والداخلية (المراقبة على الطرقات والسيارات) والنقل والفلاحة لبلورة توجه من أجل حصر استعمال قوارير الغاز وتوجيهها فعليا إلى مستحقيها.
(وات)