تمر اليوم سنة على انتخاب قيس سعيد لرئاسة الجمهورية التونسية وهو الرئيس الحاصل على أعلى نسبة تصويت لرئيس جمهورية في تونس وحتى في دول أخرى ..الكل يجمع على نظافة يديه ونزاهته وقربه من شعبه إلا أن هذه الصفات هل هي كافية لإدارة دولة ..سنة أولى من رئاسة قيس سعيد للجمهورية تباينت أراء السياسيين ومرشحين سابقين لهذا المنصب حول تقييم حصيلتها.
عجمي الوريمي: سعيد انكب على تشكيل الحكومات ولم يتفرّغ لمهمته
اعتبر القيادي في حركة النهضة عجمي الوريمي أن رئيس الجمهورية لم يقدم برنامجا انتخابيا وصرح بأن برنامجه هو ما يقترحه ناخبيه إلا أن هذا الأمر لا يعني افتقاره لمشروع وهو ما عبر عنه بالفكر السياسي الجديد ونظرة جديدة لدولة القانون وما أسماه مجتمع القانون إلا انه لم يجد الظروف الملائمة لتنفيذ هذا المشروع والبرنامج ولم يتفرغ لمهمته التي خولها له الدستور بسبب تفرغه لتشكيل الحكومات المتعاقبة بعد فشل حكومة الجملي في نيل ثقة البرلمان.
وأفاد بأن السنة الأولى للرئيس خصصت لتشكيل فريقه في قصر قرطاج معتبرا ان هذا الفريق تتطلب بعض الوقت لايجاد نسق عمله والانسجام المطلوب لم يضع برنامجا تفصيليا من المبادرات والمشاريع والزيارات والمقابلات لرئيس الجمهورية.واعتبر الوريمي أن بداية قيس سعيد في رئاسة الجمهورية كان نسقها بطيئا وظهوره لم يكن مكثفا في حين أن حضوره كان لافتا من ناحية المواقف التي عبر عنها وخطاباته طريقة إجرائه للمقابلات بروتوكوليا والأطر والأماكن التي ألقى خلالها خطاباته على غرار القائه لخطاب في ثكنة بحضور قيادات عسكرية وهو ما أثار الجدل..''مواقف الرئيس أثارت الجدل في أكثر من مناسبة مما يدل أن الرئيس من الناحية التواصلية لم يجد من يفهمه وهذا ليس مسؤولية عامة الشعب وإنما مسؤولية فريق الاتصال الخاص برئاسة الجمهورية الذي لم ينصح الرئيس بخصوص طرق إيصال الرسائل التي يريد إيصالها للشعب'' يضيف الوريمي.
وبين الوريمي أن الكثير من المواقف التي عبر عنها قيس سعيد طيلة سنة من توليه لرئاسة الجمهورية كانت مواقف مبدئية ويمكن الدفاع عنها وتبنيها إلا أن شكل التعبير عنها والأطر المقدمة فيها أوجدت نوعا من اللبس مما جعل رئيس الدولة تحوم حوله هالات من الغموض على مستوى نواياها ومواقفه تجاه الاحزاب وعلى مستوى علاقته ببقية مؤسسات الدولة خاصة بالبرلمان والحكومة وشدد على ضرورة أن تكون علاقته بهذه المؤسسات في الفترة القادمة في إطار التقاليد والاعراف والقوانين والدستور وتتم بشكل شفاف وواضح حسب قوله.
وصرح الوريمي بأن رئيس الجمهورية قيس سعيد اعطى إشارات في أكثر من مرة في أنه يريد تغيير النظام السياسي إلا أن في تقديره يعتبر الوريمي أن المشكل ليس في النظام الشبه برلماني وإنما ضرورة مراجعة العلاقة بين رأسي السلطة التنفيذية خصوصا وان عددا كبيرا من التونسيين لم يستوعب بعد ان جزءا من الصلاحيات التي كانت موكولة لرئيس الجمهورية أصبحت في القصبة لدى رئيس الحكومة مما يوحي بوجود تنازع بين السلطات والحال بأن العلاقة بين السلطتين يمكن أن تبنى على أساس التعاون والتكامل في المجالات التي حددها الدستور والإسهام كل من موقعه في تطوير الدولة وفي إنجاح عمل الحكومة وتلبية انتظارات التونسيين حسب قوله.
محمد عمار: السنة الاولى للرئيس سنة اكتشاف للصلاحيات والأجهزة
رئيس الكتلة الديمقراطية والقيادي في حزب التيار الديمقراطي محمد عمار أكّد أن التحركات الاخيرة للرئيس قيس سعيد خاصة فيما يتعلق بالملف الليبي تعتبر جيدة مضيفا بأنه إذا ما تمت حلحلة هذا الملف باستقبال كل الفرقاء في تونس سيعتبر إنجازا كبيرا للدبلوماسية التونسية وسيعود بالخير الكثير على تونس في ما يتعلق بالمسألتين الأمنية والاقتصادية.
وعلى المستوى الوطني شدد محمد عمار أكّد عمار وجود إجماع على نزاهة ونظافة يد الرئيس قيس سعيد رغم تعثر بداية مسيرته في رئاسة الدولة إضافة إلى ما اعتبره سوء اختياره للمستشارين وهي عوامل سلبية حسب تعبيره خصوصا في ظل الدور الكبير الذي يمكن ان يلعبوه في مستوى رسم السياسات و حلحلة الأزمات.
وأضاف عمار بأن رئيس الجمهورية رغم محدودية صلاحياته يقوم بدور كبير خاصة في مستوى مكافحة الفساد مثمنا تشكيله للجنة رئاسية خاصة بملف الأموال المنهوبة والمهرّبة بالخارج التي ينتظر منها الكثير في مستوى استرجاع أموال التونسيين حسب تعبيره.
واعتبر عمار انغلاق رئيس الجمهورية على الحساسيات السياسية والأحزاب مسألة سلبية خصوصا وأن النظام السياسي الحالي نظام برلماني والسلطة مركزة تحت قبة مجلس نواب الشعب وهو التي يمنح السلطة لرئاسة الحكومة الطرف الأكبر في السلطة التنفيذية وهي التي تسحب منه الثقة.
وعبر رئيس الكتلة الديمقراطية عن أمله في أن ينفتح رئيس الدولة اكثر على الأحزاب السياسية والحساسيات لأن المرحلة القادمة اقتصادية بالأساس والأزمة تقتضي أن يعمل الجميع بشكل مشترك لإيجاد الحلول المناسبة.واعتبر أن السنة الأولى للرئيس هي سنة اكتشاف للصلاحيات والاجهزة التي يمكن ان تعمل معه والأحزاب التي تتقاسم معه الأفكار ومشاغل الناس والشعارات التي رفعها.
يضيف عمار '' مازلنا نثق إجمالا في الرئيس قيس سعيد وشعاراته فقط يجب أن تكون هناك تغييرات وإرادة اكبر لترجمة الشعارات إلى أفعال حقيقية''.
المغزاوي: سعيد في الاتجاه الصحيح ومازلنا ننتظر مبادراته التشريعية
اعتبر الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي ان تقييم الحصيلة لرئيس الجمهورية لا تكون إلا بعد مدة نيابية كاملة إلا أنه بالنظر للصلاحيات المحدودة له دستوريا يمكن الإشارة إلى شروعه في انجاز المدينة الصحية بالقيروان وهي نقطة تحسب له فضلا عن تحسن أداء الديبلوماسية التونسية خاصة في علاقة بالملف الليبي.
وفي المقابل اعتبر المغزاوي أن اختيارات الرئيس في مستوى رئاسات الحكومة لم تكن موفقة في مناسبتين وفيها نوع من التسرع وعدم الاستشارة. وبين في هذا الإطار أن فلسفة رئيس الجمهورية في عدم التشاور مع الأحزاب خيار غير سليم.
كما صرح المغزاوي بأن التونسيين مازالوا ينتظرون تقديم الرئيس قيس سعيد للمبادرات التشريعية التي تحدث عنها خصوصا وأنه مازال محافظا على شعبيته واستطلاعات الرأي تؤكد ذلك.. ''سنة مرت والشعب مازال ينتظر من رئيس الجمهورية الكثير باعتبار الوعود التي أطلقها والتي يأمل جميع التونسيين في أن يكون في مستوى هذه الوعود''.
وشدد أمين عام حركة الشعب على أن الرئيس قيس سعيد في الاتجاه الصحيح معبرا في الوقت نفسه عن أمله في أن يعزز فريقه بمستشارين من ذوي الكفاءة ويعزز مشاوراته مع جميع الأطراف وتلعب الديلوماسية التونسية دورها في إخراج البلاد من أزمتها الاقتصادية والمساهمة بشكل فعال في الحوار الليبي الليبي وإخراج ليبيا من أزمتها حتى يكون لتونس دور كبير في إعادة إعمارها.
حمة الهمامي: سنة أولى من الشعبوية لقيس سعيد
الأمين العام لحزب العمال والمترشح السابق للانتخابات الرئاسية حمة الهمامي اعتبر أن الرئيس قيس سعيد يمثل العنوان الأبرز للتيار الشعبوي التقليدي، الزاحف حاليا في العديد من مناطق العالم.
واعتبر الهمامي ان سعيد ظلّ يعتمد على الغوغاء و الشعبوية والخطب المبنية على معاداة للأحزاب والنخب وللوعي حسب قوله.
وشدد اهمامي على ان سعيد لم يقدم للبلاد طيلة سنة على رأس الجمهورية أي اجراءات ملموسة ولم يتخذ إجراءات تذكر واكتفى بالحديث عن مؤامرات وأذناب استعمار دون تقديم دلائل واضحة مضيفا بان لقيس سعيد صلاحيات لكنه لا يمارسها وصمت عن إيقاف الكاتب توفيق بن بريك وهو الضامن للحريات في الدستور إضافة إلى أنه لم يقدم مقترحا واحدا للحكومة في باب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وظل يطلب من الناس تقديم مشاريعهم.
كما أفاد أمين عام حزب العمال بأن قيس سعيد بين من خلال ترشيحه لرئيسي حكومتين انه لا يهتم لا بالشعب ولا بالبرامج التي تخرجه وتخرج البلاد من الازمة بقدر ما يهتم بالموالاة لشخصه. وقد اكد من خلال تدخلاته المتعددة في الشأن الحكومي والقضائي ومن خلال صراعاته مع خصومه في البرلمان انه يبحث عن احتكار السلطة من خلال العودة إلى نظام رئاسوي.
وأضاف الهمامي بأن رئيس الجمهورية أكد طبيعته المحافظة المعادية للمساواة التامة بين الجنسين في الحقوق وخاصة في الميراث مرتدا بذلك عما جاء في الدستور كما انه استغل موجة استنكار الجريمة البشعة التي راحت ضحيتها الشابة رحمة ليعلن أنه مع تنفيذ عقوبة الإعدام.
ويختم حمه الهمامي كلامه بأن قيس سعيد جاءت به ككل الشعوبيين أزمة خانقة في البلاد من سماتها تعفن نمط الديمقراطية التمثيلية البورجوازية ولكنه جاء بلا بديل حقيقي عدا الشعارات الفارغة.
المليكي:العلاقات الخارجية نقطة ضعف وحماية الأمن القومي نقطة قوة
رئيس الكتلة الوطنية حاتم المليكي اعتبر أن رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي خاض غمار الانتخابات وتحصل على أعلى نسبة تصويت لرئيس جمهورية في تونس وحتى بالنسبة لدول أخرى يمكن تقييم حصيلة سنة منذ تقلده للرئاسة حسب الصلاحيات الموكولة له دستوريا. مصرحا بأن لسعيد نقاط قوة ونقاط ضعف حسب تعبيره.
نقاط الضعف تكمن حسب المليكي في قلة التحركات الخارجية للرئيس معتبرا أن أزمة الكورونا وما ترتب عنها من وضع دولي ساهما في عدم قدرته على التواصل المباشر مع قيادات دول أخرى والقيام بزيارات مشيرا في الوقت نفسه إلى أن دور الرئيس قيس سعيد على المستوى الإقليمي والدولي لم يكن في مستوى المأمول إلى حد ما.وصرح أنه من الصعب تقديم حكم واضح خصوصا وأن أزمة كورونا فرضت على كل الرؤساء قيودا على مستوى التحركات الديبلوماسية.
كما صرح رئيس الكتلة الوطنية بأن كيفية تعاطي الرئيس مع الوضع السياسي في البلاد يمكن اعتبارها نقطة ضعف أخرى خصوصا وأن التونسيين تعودوا أن يلعب رئيس الدولة دورا مباشرا في تقريب وجهات النظر وقريب من الأطراف السياسية في البلاد ويعمل بشكل مباشر على ان يكون عنصرا تجميعيا.
وأفاد في هذا الإطار ''بأنه بقدر ما كان الرئيس متواجدا ميدانيا مع المواطنين في العديد من المناسبات بقدر ما كانت لقاءاته مع الأطراف السياسية ضعيفة جدا وشبه منعدمة ومرتبطة بمناسبات قليلة" حسب قوله.
صلاحية الأمن القومي والإشراف على مجلس الأمن القومي ورسم السياسات الدفاعية للبلاد ،يعتبرها المليكي نقطة قوة للرئيس قيس سعيد الذي عقد العديد من مجالس الأمن القومي أبرزت انكبابه وتركيزه على حماية حدود تونس وترابها من التهديدات الخارجية في وضع اقليمي متوتر. وأشار إلى أن الملف الليبي حظي بحيز كبير من عمل الرئيس على مستوى العلاقات والأمن القومي مؤكدا أن سعيد حافظ على الموقف الرسمي للدولة التونسية الداعي إلى ضرورة بقاء ليبيا موحدة وبايجاد حل سياسي ليبي ليبي وانخرطه في التوجه التقليدي للديبلوماسية التونسية.
وأفاد رئيس الكتلة الوطنية حاتم المليكي أن إدارة الرئيس قيس سعيد للأزمة السياسية التي عرفتها تونس بعد فشل البرلمان في منح الثقة لحكومة الحبيب الجملي والتي بنيت على مقاربة اختيار سعيد للشخصية الأقدر لرئاسة الحكومة حسب ما ينص الفصل 89 من الدستور ،أفضت إلى نيل ثقة البرلمان للشخصيتين المقترحين من قبله إلا أن الصراع مازال متواصلا على مستوى تأويل الفقرة الثالثة من الفصل 89 من الدستور .وبين أنه لا يمكن تحميل رئيس الجمهورية مسؤولية عدم الاستقرار السياسي التي تتطلب جهودا مشتركة من قبل الرئيس والبرلمان والأحزاب وغيرهم من الفاعلين.
شخصية الرئيس وطبيعة خطابه والمفردات المستعملة من قبله يعتبرها رئيس الكتلة الوطنية حاتم المليكي مختلفة مضيفا بأن''لديه تصور للحكم ولمفهوم الدولة وللديمقراطية يمكن مناقشته إلا أنه ظل محافظا على شعبيته ونسبة رضا مرتفعة من قبل التونسيين خصوصا وأن خطابه يؤسس لمفاهيم جديدة متعلقة بالديمقراطية والنزاهة والشفافية ومحاربة كل أشكال الفساد'' حسب تعبيره.
كريم وناس